تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واختلفت آراء البنيويين في البنيوية وذهب بها كل منهم مذهبه، وحدثت نتيجة لذلك فوضى فكرية ما تزال تغمر الفكر الغربي، وقد جلبها اليسار العربي ومؤسساته، وبعض الاتجاهات الوجودية الملفقة إلى العالم العربي، حتى اكتظت بها الملاحق الأدبية في الجرائد اليومية فضلاً عما عداها، هذا في حين أن الزمن قد عفى عليها في بلادها.

ـ[حديث الروح]ــــــــ[17 - 03 - 02, 11:26 ص]ـ

ونظراً لما حظيت به النظرية – ولا تزال – في عالمنا العربي ولكونها تمثل المعلم الفاصل بين مرحلتي الحداثة وما بعد الحداثة فسوف ينحصر جل اهتمامنا هنا بها مع شيء من التفصيل عن مدارسها وحلقاتها وتطبيقاتها في فروع المعرفة:-

1 - مدرسة جنيف: في القرن التاسع عشر نادى الباحث الاجتماعي اليهودي " دوركايم " بالنظرية المسماة " العقل الجمعي " ودعا إلى دراسة الظواهر الاجتماعية باعتبارها " أشياء مستقلة " وتبعاً لذلك ظهر الباحث اللغوي السويسري " فرديناد دي سوسيور " بنظريته في " ظاهرة اللغة " حيث جرد اللغة من دلالاتها الإشارية المألوفة وعدها نظاماً من الرموز يقوم على علاقات ثنائية، ومن هنا ظهرت فكرة " البنية " ومن أبرز ما قرره سوسيور بقوة مبدأ " اعتباطية الرمز اللغوي " [31] وهو ما يعني أن أشكال التواصل الإنساني ما هي إلا أنظمة تتكون من مجموعة من العلاقات التعسفية، أي العلاقات التي لا ترتبط ارتباطاً طبيعياً أو منطقياً أو وظيفياً بمدلولات العالم الطبيعي " [32] وأن " كل نظام لغوي يعتمد على مبدأ لا معقول من اعتباطية الرمز وتعسفه " أي تماماً كما يعتبط العقل الجمعي عند " دوركايم " ويتعسف فيفرض على الناس ماهو خارج عن ذواتهم. ومن هنا انبعثت فكرة " السيمولوجيا " أي علم الدلالة أو العلامة والإيحاء وتطورت فيما بعد.

2 - المدرسة الشكلية الروسية: ويرجع أصلها إلى "حلقة موسكو اللغوية" وهي نوع من الإلحاد غير الماركسي في روسيا وقد أدمجها استالين قسراً ضمن الواقعية الاشتراكية لكن نفراً من روادها هاجروا إلى الغرب وهناك طوروا الفكرة، ومنهم معلمها الشهير " جاكوبسون "، ومن أهم آرائها " تحرير الكلمة الشعرية من الاتجاهات الفلسفية والدينية " [33]. والانطلاق من " دراسة العمل الأدبي في ذاته " فهي تؤكد " أن العمل الأدبي يتجاوز نفسية مبدعه ويكتسب خلال عملية الموضعة الفنية وجوده الخاص المستقل " [34]

وتؤكد أن " العمل الفني لا يتطابق بشكل كامل مع الهيكل العقلي للمؤلف ولا المتلقي " أو كما يقول: " موخاروفسكي " فإن " الأنا الشاعر لا ينطبق على أية شخصية فعلية ملموسة ولا حتى شخصية المؤلف نفسه إنه محور تركيب القصيدة الموضوع " [35]

هذا هو الأساس الذي بالاعتماد عليه يحمل البنيويون النصوص فلسفات وأفكاراً ورؤى لم تخطر لقائلها ببال بل لم تظهر في عصره – إن كان قديماً – وعليه نادى "رولات بارت" أكبر ناقد في أوربا كما وصفه الدكتور الغذامي بنظرية "موت المؤلف"!!

وهكذا ابتدأت الشكلية الروسية من دعوتها إلى استقلال الكلمة الشعرية كشيء قائمٍ بذاته، وانتهت إلى استقلال العمل الأدبي عن نفسية مؤلفه من ناحية، وعن الموضوع الاجتماعي الذي يشير إليه بأدواته وإجراءاته الخاصة من ناحية أخرى " [36]

وأكدت هذه المدرسة ضمن استقلالية العمل الأدبي أن لهذا العمل زمنه الخاص وعارضت "الأفكار الأكاديمية التقليدية" عن تطور الأدب ومساره التقدمي المطرد، وأنكرت فكرة التوالي الطبيعي للمذاهب الأدبية أو توالدها فيما بينها، وحرصت على إبراز حقيقة عدم الاستقرار في الأشكال الأدبية " [37]

وغايرت المدرسة الشكلية الاتجاهات النقدية الأخرى التي تهتم بالمضمون حيث صرفت الاهتمام الأكبر إلى الشكل جاعلة إياه وسيلة للوعي وتجديد الرؤية، فوظيفة الفن عندها ليس إعطاء رؤية ولا تصوير الواقع أو التعبير عن العالم الطبيعي الموضوعي وإنما هي " استخدام اللغة بطريقة جديدة بحيث يثير لدينا وعياً باللغة من حيث هي لغة، ومن خلال هذا الوعي يتجدد الوعي بدلالات اللغة، هذا الوعي الذي تطمسه العادة والرتابة على حد تعبير "جورج لوكاش" [38]

وهكذا نصل إلى الفكرة نفسها "موت المؤلف" كما نادى بها "رولات بارت" [39]

3 - حلقات "براغ، كوبنهاجن، نيويورك " اللغوية.

ويهمنا منها أمور نوجزها ما أمكن:-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير