وقد ترك الشيخ النيل من علماء كبار كان لهم قدم في الإسلام، مثل الحافظ أبي العباس أحمد ابن تيمية رحمه الله تعالى، فإنه ذكره في "المبشرون بالجنة" وترحم عليه، خلافا لما كان عليه شيخه ولما كتبه عنه في كتبه الأولى.
فماذا بقي بعد هذا؟، دفاعه ومحبته لشيخه؟. فهذا مما يمدح عليه، لأنه وفاء وإخلاص لشخص هداه الله به إلى الصراط المستقيم، وفتح عينيه به على أفضل العلماء، بل جعله به في مصاف كبار علماء العالم الإسلامي، فلو عقه لكان مثلمة له، لكنه يترحم عليه ويستغفر له ويبين مخالفته له، كما في مواطن من كتبه هذبها وحذف منها ما لا يليق، أو علق عليها بما يبين الصحيح.
وكم أسر عندما أزور مدرسة الشيخ فأجد على الجدران كلمات مأثورة لشيخه، فليت التلاميذ يتعلمون الوفاء لشيوخهم والإخلاص لمن كانوا سببا لهدايتهم وإرشادهم. وأنا أسأل الله تعالى أن لا يراني عاقا لشيخ انتفعت به واستفدت منه. فقد تربيت على الوفاء والإخلاص، و"من علمك حرفا صرت له عبدا". وقد قال تعالى: {وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، وقال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله يسأل عن صحبة ساعة". وبالله نتأيد.
وبذلك يتبين أن جميع كتب شيخنا التليدي في المرحلة الثانية طيبة مباركة، تنضح بالدعوة للسنة والتوحيد، وجمع المسلمين عليها، مع البعد عن الخرافات والأوهام التي تنشأ عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
وأنا نفسي كثير الاهتمام والمحبة لكتب الشيخ، فوظيفته المباركة "زاد المتقين" لا تفارقني، وأجد عند قراءتها لذة روحانية كبيرة، وأنصح الناس بها، وتهذيباته ل "خصائص السيوطي"، و"شفاء عياض" عظيمة، بل إني درّست تهذيبه للشفا في السجن واستفدت منه.
وكتابه في فضائل آل البيت "الأنوار الباهرة" رائع، ولعله أحسن ما ألف في الباب، وكذلك "فضائل الصحابة"، ورده على الرافضة الإمامية شاف كاف لعامة المسلمين. أما كتابه عن المرأة المتبرجة فغاية في بابه.
وكذلك يقال في كتبه الحديثية، ومن أنفسها التفسير بالمأثور الذي سرني جدا.
فجزاه الله كل خير عن الإسلام والمسلمين.
وبعد هذه المقدمة الهامة، فلنناقش المؤلف في كلامه عن مصنفات شيخنا التليدي حفظه الله تعالى.
فصل
ذكر المؤلف (ص77) أن الشيخ يأخذ التدريس جل وقته، وأن العديد من الناس ناشدوه الشروع في قسم المعاملات من كتابيه "إتمام المنة"، و"بداية الوصول".
قلت: قد كنت ممن ناشد الشيخ في إكمال "إتمام المنة" أكثر من مرة منذ صدوره.
وذلك أن الشيخ ذكر في مقدمة ذلك الكتاب أنه ذكر فيه كثيرا من الفروع الأثرية التي أغفلها القاضي الشوكاني في "الدرر البهية"، وبما أن "الدرر البهية" كتاب شامل لجميع أبواب الفقه، فلا تكتمل الفائدة من "منهاج الجنة في فقه السنة" إلا بإلحاق بقية أبواب الفقه الأثري بالكتاب، فإن الإسلام عبادات ومعاملات، والعلمانيون ينكرون قسم المعاملات ويكفرون به، فمن تمام الرد عليهم إثبات عكس ذلك، وجلب النصوص والآثار عليها.
فليت الشيخ يهتم فعلا بهذا الموضوع، فإن الناس قد استفادوا كثيرا من "الدرر البهية" وشرحيه "الدراري المضية" للمؤلف، و"الروضة الندية" لصديق حسن خان. رحمهم الله تعالى.
كما أن النفع العظيم بموسوعته الحديثية "بداية الوصول" لن يكتمل إلا بإلحاق بقية أبواب الدين بالكتاب.
نسأل الله تعالى للشيخ التوفيق والسداد.
فصل
قال في (ص81) عن كتاب "دلائل التوحيد":
"اشتهر في كتب المحدثين كتب في دلائل النبوة، لكننا لا نكاد نجد مؤلفا واحدا في دلائل التوحيد الذي هو الأصل والأساس".
قلت: كلا؛ بل صنف علامة الشام الإمام محمد جمال الدين القاسمي المتوفى سنة 1332هـ رحمه الله تعالى كتابا بنفس العنوان، يقع في مجلد أيضا، وهو مطبوع محقق.
-يتبع-
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[16 - 01 - 06, 05:59 م]ـ
فصل
ذكر المؤلف الإمام محمد ناصر الدين الألباني، رحمه الله تعالى، (ص89)، فلم يعطه أي لقب، بل قال: "صحيح وضعيف الترمذي لناصر الدين الألباني" ..
¥