تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك أيمة الدعوة الأثرية باليمن؛ كالسيد محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في كتابه "تطهير الاعتقاد عن درن الإلحاد"، وغيره، والقاضي محمد بن علي الشوكاني في كتبه ورسائله، وصاحبه الشريف محمد بن ناصر الحازمي. رحمهم الله أجمعين.

ولا شك أن اقوى من تكلم في ذلك، بل وجرد عليه السيوف وبنى له دولة هو: الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.

وقد ذكرت أن السيد الزمزمي اتهمه هو وأصحابه بالغلو في ذلك حتى أدخلهم في "الفرق الضالة".

والسيد الزمزمي – سامحه الله تعالى – كثير المجانبة للإنصاف في كلامه عن الأشخاص والمذاهب، وقد ذكرت لك آنفا أني لا أوافقه في جميع ما ذهب إليه في نزاعه مع أخيه السيد أحمد، ومع الشيخ التليدي، بل تارة يكون الصواب معه وتارة مع أخيه، وذلك في مسائل الأصول والفروع، غير أن أخاه أعلم منه بمراحل كثيرة بلا شك، كما نقلت لك عن جدي، رحمهم الله تعالى.

أما الدعوة النجدية التي قام بها الإمام محمد بن عبد الوهاب، فقد كان فيها خير كثير وفضل عميم، فقد ذكر المؤرخون أن قبائل ما كانت تصلي ولا تصوم، وأخرى تنكر البعث، وأخرى لا هم لها إلا الغلو في الصالحين ودعاء الأموات والنذر لهم.

والشيخ ابن عبد الوهاب قد كان عنده نوع غلو وتضييق للعذر بالجهل، وأصحابه كانوا على أصناف، ومنهم من كان لا يعذر بالجهل في أمور التوحيد، وهذا لا شك أنه انحراف، ولعل للبيئة البدوية بجفائها وصعوبتها مع كون الدعوة مسلحة تخوض حربا ضروسا، لعل لذلك تأثيرا على أفكارها، كما ذكر ذلك الإمام جمال الدين القاسمي رحمه الله تعالى.

فما ذكره السيد الزمزمي هو في بعض النجديين، مثل ما كتبه سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب وابن عمه إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن، وتلميذهم حمد بن عتيق، وسليمان بن سحمان. وقد أنكر ذلك الغلو الإمام الصنعاني وبعده الشوكاني وأحمد بن محمد الحفظي التهامي ... وغيرهم.

وبعد أن حطت الحرب رحالها، وتمدنت الدولة وزادت ثقافة الجيل الجديد، ظهر علماء كبار بعيدون عن الغلو متمسكون بمحض السنة. وهكذا كل دعوة تبدأ فائرة حامية ثم لا تلبث أن ترجع للاعتدال.

وبالجملة؛ فهؤلاء جميعا تحدثوا عن توحيد الألوهية ونواقضه، خاصة فيما كان منتشرا في زمانهم من غلو في قبور الصالحين ومشاهدهم، فلما سقطت الخلافة العثمانية وابتليت ديار الإسلام باحتلال النصارى لها وتنحية شريعة الإسلام وإحلال القانون الوضعي بدلها، تكلم العلماء في شرك الحاكمية والولاء والبراء، وكل ذلك داخل في توحيد الألوهية. ولا داعي لسرد أسماء العلماء الذين كتبوا في هذا، فهم كثر ...

وبعد هذا كله؛ فكيف يقال: "إن عقيدة العوام سليمة ولا غبار عليها"، ويضلل العلماء الناصحون الذين يحذرون من الشرك والوقوع فيه؟!.

ألا ترى العامة يحلفون بغير الله وما زالوا يستغيثون بغير الله تعالى، ويقصدون الأموات عند الحاجات والملمات؟!.

ألا تراهم يتحاكمون لغير شرع الله تعالى دونما حرج ولا وجل ولا خوف؟!.

ألا تراهم يسبون الرب والملة والدين دونما رادع ولا ورع؟!.

ألا ترى العلمانيين وأمثالهم ينكرون جملة من شريعة الله دون حرج، لأنهم عند أنفسهم مؤمنون بوجود الله، وقد يصلون ويصومون ويحجون ويفعلون البر، بل ويحبون الله تعالى ورسوله، ولكن لا يعلمون أنهم بعدم إيمانهم بشريعة الله تعالى قد وقعوا في ناقض من نواقض التوحيد؟!.

ولكن مشكلة المؤلف أن يعتبر كل من حذر من الوقوع في الشرك قد حكم على الواقع في ذلك بالشرك والكفر والخروج من الملة.

والآن فهمت ما كان يقصده عندما قال في (ص26): "إن كان التقليد هو داء تلك الحقبة من الزمن، فلن يكون ضرره أكثر من ضرر التكفير الطافح في عصرنا على سطح المكتوبات والموسوعات، والمخرج لأقوام من المسلمين من الملة لأسباب غير داعية إلى ذلك".

فإنه يعني: الكتب التي تحذر من نواقض التوحيد القولية والعملية التي صنفها العلماء نصحا للأمة وخوفا عليها من الخروج من الدين وهي لا تشعر. وقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: "رب كلمة يقولها المرء لا يلقي لها بالا تهوي به في جهنم سبعين خريفا".

ثم ألا ترى كثيرا من العامة إذا ركبوا في الفلك وضاقت بهم السبل دعوا مشايخهم الأموات من دون الله؟!!، وقد يحلفون بالله يمينا غموسا كاذبة ولا يحلفون بشيوخهم كاذبين البتة؟!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير