تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[20 - 01 - 06, 08:10 م]ـ

فصل

ومن دعاة السنة مع عدم نبذ المذهب، لكن مع نقد التصوف والدعوة إلى إصلاحه: الإمام المؤرخ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري (ت1310)، صاحب كتاب "الاستقصا لتاريخ المغرب الأقصا"، وله "تمام المنة في الذب عن السنة" في نقد التصوف وما علق به من بدع.

وفي تاريخه ذكر كيف انتشرت القبورية في المغرب، ونقل كلاما رائعا في نقد ذلك، كما أنه نصر مذهب السلف في العقيدة في عدة مواضع من كتابه.

وقد كان الإمام مَحمد بن ناصر الدرْعي – جد هذه الأسرة – أسس في القرن الحادي عشر زاويته ببلدة (تامَكْرُوتْ) وبناها على إحياء العمل بالسنة، وهي من أعظم الزوايا بالمغرب وإليها كان ينتسب السلطان أبو الربيع سليمان بن محمد بن عبد الله العلوي رحمهم الله، ومنها سرى فيه حب السنة والدعوة لها.

وكذلك الحال مع أبي العباس الناصري رحمه الله.

فصل

وممن دعا إلى إصلاح كل شيء مع عدم نبذ القديم رأسا: الإمام المحدث أبو شعيب بن عبد الرحمن الصديقي الدكالي رحمه الله تعالى، المتوفى سنة 1356.

فهذا الرجل رحل قديما لمصر والحجاز، ولقي الأكابر، وأمَّ في الحرم المكي، ثم عاد للمغرب تعظمه الملوك، وتظاهر بالحديث والدعوة للسنة ونبذ البدعة.

وقد دعا هذا الإمام إلى مذهب السلف في العقيدة، وإلى العمل بصحيح السنة مع عدم نبذ المذهب، وهاجم الطرق الصوفية، فهاجم شعائرها التي استقرت عند المتأخرين.

غير أن أبا شعيب هادن المحتل، بل هاجم المجاهدين واتهمهم بالتهور في قتال المحتل، بل وعمل وزيرا للعدلية تحت حكمهم!!.

والعجب أن الناس قبلوا له ذلك كله، وتتلمذ له سائر الوطنيين، وعدوه شيخهم ومجدد الدين في المغرب.

والحق أن أبا شعيب إمام جليل في علمه وصبره على التدريس، وغزارة ما درس وكثرة التلاميذ ونبوغهم وشهرتهم.

هذا مع أننا لا نعرف له سوداء في بيضاء، فليس له أي مؤلف معروف، سوى محاضرة أو محاضرتين.

ومما يجدر ذكره: أن الحافظ ابن الصديق ذكره أكثر من مرة واتهمه بالكذب وحكاية الدعاوى العريضة التي لا تصدق، وأنه يزعم أن له مصنفا حافلا في شرح "مختصر خليل" بالدليل، وأنه يقع في عشرين مجلدا!!.

إلى غير ذلك مما ذكره ابن الصديق، ولم أجد أحدا تابعه على ذلك ولا لمح إليه، مع كثرة أصحابه واختلاف مشاربهم وتباين ميولهم. ولا أدري من أصدق؟، فالناس أعقل من أن يمدحوا رجلا كذابا فشارا ويمجدوا علمه ويصفوه بالحفظ، بل بأنه شيخ الإسلام.

كما أن ابن الصديق يستهين بعلم أبي شعيب في الحديث، ويقول: "إنه غر المغاربة ببعض الأسانيد التي يحفظها"!!.

وعلى كل حال؛ فقد ترك أبو شعيب الدكالي عددا كبيرا من العلماء، خاصة لما استقر في رباط الفتح، فقد درس جميع كتب السنة الستة، مع جملة وافرة من كتب الأدب. وكان يفسر القرآن ومن خلاله ينشر أفكاره الإصلاحية.

وتلاميذه في الجملة على قسمين:

1 - قسم مع الدولة، مهادن للاحتلال.

2 - وقسم مع الحركة الوطنية محارب مجاهد للاحتلال.

فمن القسم الأول: جماعة من الوزراء والقضاة الذين كانوا أوائل عصر الحماية سنة 1330 فما بعده، وكانوا يتظاهرون بالدعوة للإصلاح وطريقة السلف وترك الجمود، مثل محمد بن الحسن الحجوي، الذي كان وزيرا للمعارف، وكتب كتبا قيمة مفيدة، ك "الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي"، وغيره كثير. وكان يدعو إلى عقيدة السلف وترك التأويل في الصفات، ويجادل الصوفية في شعائر الطريق والغلو في الصالحين، ويدعو لتجديد الفقه الإسلامي والعودة به إلى معينه الصافي. توفي سنة 1376.

ومنهم: القاضي الوزير، الحافظ الشريف محمد المدني بن الغازي ابن الحُسْني العلمي. وهذا كان شامة في جبين ذلك العصر، وله شرح على "المختصر" بالدليل لم يكتمل، وشرح على "المرشد المعين" بالدليل، وهو نفسه كان يدرس "زاد المعاد" لابن القيم في جامع السنة بالرباط. وله شرح "نصيحة أهل الإسلام" للإمام محمد بن جعفر الكتاني في أربعة مجلدات. وكان له في الحديث والأدب اليد الطولى. توفي سنة 1378.

ومنهم: القاضي الإمام محمد بن عبد السلام السائح الرباطي، وله اليد الطولى في العلوم. وكان على مذهب شيخه الدكالي. توفي سنة 1368.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير