تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أفرد له المحدث أبو سعيد محمد بن علي الخشاب ترجمة في جزء، فقال: ولد في عاشر جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاث مائة، وذلك بعد موت مكي بن عبدان بستة أيام، وكتب بخطه في سنة ثلاث وثلاثين عن أبي بكر الصبغي، ومن الأصم، وأبي عبد الله بن الأخرم، وسمع كثيرا من جده لأمه إسماعيل بن نجيد، ومن خلق كثير. وله رحلة -يعني: إلى العراق- ابتدأ بالتصنيف سنة نيِّف وخمسين وثلاث مائة، وصنف في علوم القوم سبع مائة جزء، وفي أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- من جمع الأبواب والمشايخ وغير ذلك ثلاث مائة جزء، وكانت تصانيفه مقبولة.

قال الخشاب: كان مَرْضِيًّا عند الخاص والعام، والموافق والمخالف، والسلطان والرعية، في بلده وفي سائر بلاد المسلمين، ومضى إلى الله كذلك، وحبب تصانيفه إلى الناس، وبِيعت بأغلى الأثمان، وقد بعتُ يومًا من ذلك -على رداءة خطي- بعشرين دينارًا، وكان في الأحياء، وقد سمع منه كتاب "حقائق التفسير" أبو العباس النسوي، فوقع إلى مصر، فقُرِئ عليه، ووزعوا له ألف دينار، وكان الشيخ ببغداد حيا. وسمعت أبا مسلم غالب بن علي الرازي يقول: لما قرأنا كتاب "تاريخ الصوفية" في شهور سنة أربع وثمانين وثلاث مائة بالرَّي، قُتل صبي في الزحام، وزعق رجل في المجلس زَعْقَةً، ومات، ولما خرجنا من همذان، تَبِعَنَا النَّاسُ لطلبِ الإِجازة مرحلةً.

قال السلمي: ولما دخلنا بغداد، قال لي الشيخ أبو حامد الإسفراييني: أريد أن أنظر في "حقائق التفسير"، فبعثت به إليه، فنظر فيه، وقال: أريد أن أسمعه، ووضعوا لي منبرا.

قال: ورأينا في طريق همذان أميرا، فاجتمعتُ به، فقال: لا بد من كتابة "حقائق التفسير". فنُسِخَ له في يوم، فُرِّقَ على خمسة وثمانين ناسخا، ففرَغُوه إلى العصر، وأمر لي بفرس جواد ومائة دينار وثياب كثيرة، فقلت: قد نغَّصت عليَّ، وأفزعتني، وأفزعت الحاجَّ، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ترويع المسلم، فإن أردت أن يبارك لك في الكتاب، فاقْضِ لي حاجتي. قال: وما هي؟ قلت: أن تعفيني من هذه الصلة. فإني لا أقبل ذلك. ففرّقها في نقباء الرُّفقة، وبعث من خَفَّرَنَا، وكان الأمير نصر بن سبكتكين صاحب الجيش عالما، فلما رأى ذلك التفسير، أعجبه، وأمر بنسخه في عشر مجلدات، وكِتْبَةِ الآيات بماء الذهب ثم قالوا: تأتي حتى يسمع الأمير الكتاب. فقلت: لا آتيه البتة. ثم جاءوا خلفي إلى الخانقاه، فاختفيت، ثم بعثَ بالمجلد الأول، وكتبتُ له بالإجازة.

قال: ولما توفي جدي أبو عمرو، خلَّف ثلاثة أسهم في قرية، قيمتها ثلاثة آلاف دينار، وكانوا يتوارثون ذلك عن جده أحمد بن يوسف السلمي، وكذلك خلف أيضا ضياعا ومتاعا، ولم يكن له وارث غير والدتي، وكان على التركات رجل متسلط، فكان من صنع الله أنه لم يأخذ من ذلك شيئا، وسلَّم إليَّ الكل، فلما تهيأ أبو القاسم النصراباذي للحج، استأذنتُ أمي في الحج، فبعت سهما بألف دينار، وخرجت سنة 366، فقالت أمي: توجهت إلى بيت الله، فلا يكتُبَنَّ عليك حافظاك شيئا تستحي منه غدا. وكنت مع النصراباذي أيَّ بلدٍ أتيناه يقول: قُمْ بنا نسمع الحديث. وسمعته يقول: إذا بدا لك شيء من بوادي الحق، فلا تلتفت معها إلى جنة ولا نار. وإذا رجعت عن تلك الحال، فعظِّم ما عظَّمه الله.

وقال: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، والدوام على الأوراد.

قال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في "سياق التاريخ": أبو عبد الرحمن شيخ الطريقة في وقته، الموفق في جميع علوم الحقائق، ومعرفة طريق التصوف، وصاحب التصانيف المشهورة العجيبة، ورث التصوف من أبيه وجده، وجمع من الكتب ما لم يسبق إلى ترتيبه حتى بلغ فهرس كتبه المائة أو أكثر، حدث أكثر من أربعين سنة قراءة وإملاء، وكتب الحديث بنيسابور ومرو والعراق والحجاز، وانتخب عليه الحفاظ. سمع من أبيه وجده ابن نجيد، وأبي عبد الله الصفار، وأبي العباس الأصم، ومحمد بن يعقوب الحافظ، وأبي إسحاق الحيري، وأبي جعفر الرازي، وأبي الحسن الكارزي، وأبي الحسن الطرائفي، والإمام أبي بكر الصبغي، والأستاذ أبي الوليد حسان، وابني المؤمَّل، ويحيى بن منصور القاضي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير