تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصلاة مثلا هو من الصغائر , وكل ما يكفره الإسلام أو الهجرة فهو من الكبائر. وأما المعصية فكل معصية يستحق فاعلها بسببها وعيدا أو عقابا أزيد من الوعيد أو العقاب المستحق بسبب معصية أخرى فهي كبيرة وأما الثواب ففاعل المعصية إذا كان من المقربين فالصغيرة بالنسبة إليه كبيرة , فقد وقعت المعاتبة في حق بعض الأنبياء على أمور لم تعد من غيرهم معصية ا ه. وكلامه فيما يتعلق بالوعيد والعقاب يخصص عموم من أطلق أن علامة الكبيرة ورود الوعيد أو العقاب في حق فاعلها , لكن يلزم منه أن مطلق قتل النفس مثلا ليس كبيرة , كأنه وإن ورد الوعيد فيه أو العقاب لكن ورد الوعيد والعقاب في حق قاتل ولده أشد , فالصواب ما قاله الجمهور وأن المثال المذكور وما أشبهه ينقسم إلى كبيرة وأكبر , والله أعلم. قال النووي: واختلفوا في ضبط الكبيرة اختلافا كثيرا منتشرا , فروي عن ابن عباس أنها كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب , قال: وجاء نحو هذا عن الحسن البصري , وقال آخرون: هي ما أوعد الله عليه بنار في الآخرة أو أوجب فيه حدا في الدنيا. قلت: وممن نص على هذا الأخير الإمام أحمد فيما نقله القاضي أبو يعلى , ومن الشافعية الماوردي ولفظه: الكبيرة ما وجبت فيه الحدود , أو توجه إليها الوعيد. والمنقول عن ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم بسند لا بأس به , إلا أن فيه انقطاعا. وأخرج من وجه آخر متصل لا بأس برجاله أيضا عن ابن عباس قال: كل ما توعد الله عليه بالنار كبيرة. وقد ضبط كثير من الشافعية الكبائر بضوابط أخرى , منها قول إمام الحرمين: كل جريمة تؤذن بقلة اكثراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة. وقول الحليمي: كل محرم لعينه منهي عنه لمعنى في نفسه. وقال الرافعي: هي ما أوجب الحد. وقيل: ما يلحق الوعيد بصاحبه بنص كتاب أو سنة. هذا أكثر ما يوجد للأصحاب وهم إلى ترجيح الأول أميل ; لكن الثاني أوفق لما ذكروه عند تفصيل الكبائر ا ه كلامه. وقد استشكل بأن كثيرا مما وردت النصوص بكونه كبيرة لا حد فيه كالعقوق , وأجاب بعض الأئمة بأن مراد قائله ضبط ما لم يرد فيه نص بكونه كبيرة. وقال ابن عبد السلام في " القواعد ": لم أقف لأحد من العلماء على ضابط للكبيرة لا يسلم من الاعتراض , والأولى ضبطها بما يشعر بتهاون مرتكبها بدينه إشعارا دون الكبائر المنصوص عليها. قلت: وهو ضابط جيد. وقال القرطبي في " المفهم ": الراجح أن كل ذنب نص على كبره أو عظمه أو توعد عليه بالعقاب أو علق عليه حد أو شدد النكير عليه فهو كبيرة , وكلام ابن الصلاح يوافق ما نقل أولا عن ابن عباس , وزاد إيجاب الحد , وعلى هذا يكثر عدد الكبائر. فأما ما ورد النص الصريح بكونه كبيرة فسيأتي القول فيه في الكلام على حديث أبي هريرة " اجتنبوا السبع الموبقات " في كتاب استتابة المرتدين , ونذكر هناك ما ورد في الأحاديث زيادة على السبع المذكورات مما نص على كونها كبيرة أو موبقة. وقد ذهب آخرون إلى أن الذنوب التي لم ينص على كونها كبيرة مع كونها كبيرة لا ضابط لها , فقال الواحدي: ما لم ينص الشارع على كونه كبيرة فالحكمة في إخفائه أن يمتنع العبد من الوقوع فيه خشية أن يكون كبيرة , كإخفاء ليلة القدر وساعة الجمعة والاسم الأعظم , والله أعلم. (فصل) قوله: " أكبر الكبائر " ليس على ظاهره من الحصر بل " من " فيه مقدرة , فقد ثبت في أشياء أخر أنها من أكبر الكبائر , منها حديث أنس في قتل النفس وسيأتي بيانه في الذي بعده , وحديث ابن مسعود " أي الذنب أعظم " فذكر فيه الزنا بحليلة الجار وسيأتي بعد أبواب , وحديث عبد الله بن أنيس الجهني مرفوعا قال: " من أكبر الكبائر - فذكر منها - اليمين الغموس " أخرجه الترمذي بسند حسن , وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد , وحديث أبي هريرة رفعه " إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم " أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن , وحديث بريدة رفعه " من أكبر الكبائر - فذكر منها - منع فضل الماء ومنع الفحل " أخرجه البزار بسند ضعيف , وحديث ابن عمر رفعه " أكبر الكبائر سوء الظن بالله " أخرجه ابن مردويه بسند ضعيف , ويقرب منه حديث أبي هريرة مرفوعا " ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي " الحديث وقد تقدم قريبا في كتاب اللباس , وحديث عائشة " أبغض الرجال إلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير