تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومسألة الوسائل لاينبغي التشدد فيها كثيرا حتى لايقع الشخص في تناقض وتراجع، وللشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله كلام نفيس في هذا الباب، فكل وسيلة مفيدة مباحة ويمكن الانتفاع بها فلا ينبغي التعجل بتحريمها، وعلى المسلم الاستفادة من هذه الوسائل في الخير وتحذير الناس من استخدامها في الشر، فاستخدام آلات التصوير في المحرم ذنب ومعصية لله سبحانه وتعالى، واستخدامها في الخير والإفادة قربة إلى الله تعالى.

ـ[أبو عبد القيوم]ــــــــ[01 - 02 - 06, 09:26 م]ـ

نعم هو معروف ومشهور، لكن بماذا أيها الشيخ الفاضل؟؟؟ الجواب عند الإمام ابن القيم؛ فأدعوك إلى إعطاء النظلا حقه من هذا الكلام البديع الدقيق لابن القيم؛ لتعلم أن مبدأ سد الذرائع ينطبق على مسألتنا المطروحة تمام المطابقة، قال ابن القيم: إعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 3 / ص 342)

وَنَحْنُ نَذْكُرُ قَاعِدَةَ سَدِّ الذَّرَائِعِ وَدَلَالَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالْمِيزَانِ الصَّحِيحِ عَلَيْهَا فَصْلٌ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ [لِلْوَسَائِلِ حُكْمُ الْمَقَاصِدِ] لَمَّا كَانَتْ الْمَقَاصِدُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا إلَّا بِأَسْبَابٍ وَطُرُقٍ تُفْضِي إلَيْهَا كَانَتْ طُرُقُهَا وَأَسْبَابُهَا تَابِعَةً لَهَا مُعْتَبَرَةً بِهَا، فَوَسَائِلُ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَعَاصِي فِي كَرَاهَتِهَا وَالْمَنْعِ مِنْهَا بِحَسَبِ إفْضَائِهَا إلَى غَايَاتِهَا وَارْتِبَاطَاتِهَا بِهَا، وَوَسَائِلُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ فِي مَحَبَّتِهَا وَالْإِذْنِ فِيهَا بِحَسَبِ إفْضَائِهَا إلَى غَايَتِهَا؛ فَوَسِيلَةُ الْمَقْصُودِ تَابِعَةٌ لِلْمَقْصُودِ، وَكِلَاهُمَا مَقْصُودٌ، لَكِنَّهُ مَقْصُودٌ قَصْدَ الْغَايَاتِ، وَهِيَ مَقْصُودَةٌ قَصْدَ الْوَسَائِلِ؛ فَإِذَا حَرَّمَ الرَّبُّ تَعَالَى شَيْئًا وَلَهُ طُرُقٌ وَوَسَائِلُ تُفْضِي إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُهَا وَيَمْنَعُ مِنْهَا، تَحْقِيقًا لِتَحْرِيمِهِ، وَتَثْبِيتًا لَهُ، وَمَنْعًا أَنْ يُقْرَبَ حِمَاهُ، وَلَوْ أَبَاحَ الْوَسَائِلَ وَالذَّرَائِعَ الْمُفْضِيَةَ إلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلتَّحْرِيمِ، وَإِغْرَاءً لِلنُّفُوسِ بِهِ، وَحِكْمَتُهُ تَعَالَى وَعِلْمُهُ يَأْبَى ذَلِكَ كُلَّ الْإِبَاءِ، بَلْ سِيَاسَةُ مُلُوكِ الدُّنْيَا تَأْبَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ إذَا مَنَعَ جُنْدَهُ أَوْ رَعِيَّتَهُ أَوْ أَهْلَ بَيْتِهِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ أَبَاحَ لَهُمْ الطُّرُقَ وَالْأَسْبَابَ وَالذَّرَائِعَ الْمُوَصِّلَةَ إلَيْهِ لَعُدَّ مُتَنَاقِضًا، وَلَحَصَلَ مِنْ رَعِيَّتِهِ وَجُنْدِهِ ضِدُّ مَقْصُودِهِ.

وَكَذَلِكَ الْأَطِبَّاءُ إذَا أَرَادُوا حَسْمَ الدَّاءِ مَنَعُوا صَاحِبَهُ مِنْ الطُّرُقِ وَالذَّرَائِعِ الْمُوَصِّلَةِ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَسَدَ عَلَيْهِمْ مَا يَرُومُونَ إصْلَاحَهُ.

فَمَا الظَّنُّ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْكَامِلَةِ الَّتِي هِيَ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَالْكَمَالِ؟ وَمَنْ تَأَمَّلَ مَصَادِرَهَا وَمَوَارِدَهَا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ سَدَّ الذَّرَائِعَ الْمُفْضِيَةَ إلَى الْمَحَارِمِ بِأَنْ حَرَّمَهَا وَنَهَى عَنْهَا، وَالذَّرِيعَةُ: مَا كَانَ وَسِيلَةً وَطَرِيقًا إلَى الشَّيْءِ.

ثم عدد الأدلة من الكتاب والسنة بما يدل دلالة واضحة على أن الشيئ ولو كان مباحا في نفسه، إذا أفضى إلى الحرام غالبا كان محرما.

فعلى قولك أيها الشيخ، يجوز بيع ألبسة النساء العارية المكشوفة في البلاد التي يسودها التبرج، مع وجود نسبة لا بأس بها من العفيفات المتسترات اللائي يلبسن تلك الألبسة في بيوتهن لأزواجهن، فالاحتمال قائم إذا في استعمالها في الحلال المستحب تزينا للبعل، فهل ترى جواز بيع مثل هذه الألبسة في مثل بلاد المغرب

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[02 - 02 - 06, 05:17 ص]ـ

بارك الله فيكم ونفع بكم، والكلام هو على جهاز الجوال الذي يكون فيه آلة تصوير،فإذا قيل إن الغالب استعمال الناس له في المحرمات فهذا أمر نسبي، فقد يكون ذلك في بلد دون بلد أو في زمن دون زمن، فقد يكون استخدامه في المحرم في بداية ظهوره من قبل بعض العصاة ونحوهم، ولايعني استخدامهم له في التصوير المحرم منع الناس الآخرين من الاستفادة منه، فهو وسيلة تستخدم في الخير والشر، فمن استخدمها في الخير والمباح فلا حرج عليه، ومن استخدمها في الشر والمحرم فعليه الوزر.

فبعض الوسائل قد تستخدم في بداية ظهورها في بعض المعاصي والمحرمات مثل ما حصل مثلا في بداية ظهور المذياع، فقد أفتى عدد من أهل العلم بتحريمه آنذاك بناء على أنه يستخدم في سماع الموسيقى وغيرها من المنهيات، ثم بعد ذلك أصبح الناس يستفيدون من هذه الوسيلة في المباحات والخير والدعوة فاختفت فتاوى تحريم المذياع وبان الخطأ والخلل فيها.

فالوسيلة إذا كانت مباحة لاينظر فيها إلى سوء استخدام الناس لها ويُبنى على ذلك التحريم، بل يقال فيها بالتفصيل، فاستخدامها في المباحات جائز واستخدامها في المحرمات ممنوع.

وقد يأتي زمان تجد فيه النفع الكبير والفائدة من وجود آلات التصوير في أجهزة الجوال، وأن أهل الخير والصلاح يستخدمونها فيما يرضي الله تعالى وتختفي الفتاوى التي تنص على التحريم، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.

فشبكة الأنترنت مثلا كانت في بداية ظهورها في بعض البلاد يغلب على استخدامها الشر، ثم تغير الحال وأصبحت وسيلة نافعة استفاد الناس منها شرقا وغربا.

فلا ينبغي الحكم على الوسيلة المباحة بناء على سوء استخدام الناس لها، بل ينظر فيها إلى أنها مباحة وينبغي استخدامها في الخير. {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (32) سورة الأعراف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير