تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبدالله العتيبي]ــــــــ[01 - 04 - 02, 08:20 م]ـ

ومما يُنكر في هذه الفتوى قولها ص 182: ((فالعاشق له ثلاث مقامات: مبتدأ، ومتوسط، ونهاية. أما مبتدؤه ففي أول الأمر واجب عليه كتمان ذلك وعدم إفشائه للمخلوقين، تقليلاً للوشاة عليه، وإمالة لقلب محبوبه إليه، مراعياً في ذلك شرائط الفتوة من العفة مع القدرة، و إلا التحق بالشيطان الرجيم وحزبه، فازداد به الأمر إلى المقام الأوسط، فيغلب عليه الحال، فلا بأس بإعلام محبوبه بمحبته إياه، فيخف بإعلامه له وشكواه إليه ما يجده منه، ويحذر من اطلاع الناس على ذلك، فهو يكون سبب هلاكه. فإن زاد به الأمر حتى يخرج من الحدود والضوابط المذكورة، فقد التحق من هذا حاله بالمجانين والمولهين)).

وقد علق المحقق على قوله: "فالعاشق له ثلاث مقامات: مبتدأ، ومتوسط، ونهاية" بقوله: ذكرها ابن القيم في الجواب الكافي (ص 191 - 193).

وما ذكره ابن القيم هو رأس الموضوع، أما التفصيل فهو مختلف عما في هذه الفتوى، حيث قال: والعاشق له ثلاث مقامات: مقام ابتداء، ومقام توسط، ومقام انتهاء: فأما مقام ابتدائه، فالواجب عليه مدافعته بكل ما يقدر عليه إذا كان الوصول إلى معشوقه متعذراً قدراً أو شرعاً، فإن عجز عن ذلك و أبى قلبه إلا السفر إلى محبوبه – وهذا مقام التوسط والانتهاء – فعليه كتمان ذلك، وألا يفشيه إلى الخلق، ولا يشبب بمحبوبه ويهتكه بين الناس، فيجمع بين الشرك والظلم ... أهـ

وقد ذكرت الفتوى ذلك مع تصريحها بأن السؤال عن الرجال أو الغلمان، حيث قالت في موضع فيه غموض في المعنى أيضاً ص 185: "وهذه النصوص واردة في حق النساء، وهذا السؤال عن الرجال، لأن أولئك القوم في الزمن الأول لم يكن للغلمان عندهم قدر يهوون من أجله، أما الآن فقد زادوا على الحد، وازدادوا على أولئك في الحد، وهم الفتنة موجودة" [كذا وقع في الفتوى]

وأظهر ما ينكر في هذه الفتوى آخرها الذي يقول (ص 185 - 186): فإن كان السائل كما زعم ممن لا يدنس عشقه بزنا، ولا يصحبه بخنا، فينظر في حاله، إن كان من الطبقة الأولى فقد ذكر شروطهم فيما يتعلق بالكتمان حتى عن المحبوب، وإن كان كافياً لهم إن صدقت دعواهم. وإن كان من الطبقة الثانية فلا بأس بشكواه إلى محبوبه كي يرق عليه ويرحمه. وإن غلبه الحال فالتحق بالثالثة أبيح له ما ذكرنا، بشرط أن لا يكون أنموذجاً لفعل القبيح المحرم، فيلتحق بالكبائر، فيستحق القتل عند ذلك، ويزول عنه العذر، ويحق عليه كلمة العذاب ((حقت كلمة العذاب على الكافرين)).

وأما ما يتعلق بالمعشوق فيجب عليه إدامة حمد الله وشكره على ما أعطاه من الجمال والحسن، ويحرص أن لا يجتمع مع حسنه قبيح الفعال، ولا يدنس جماله بخسيس الخصال. فإن ظهر له من محبه هذا صدق دعواه، وفهم سلوك طريق المحبة من نجواه، فعاملة المعاملة الجميلة، وأباح له النظر والمحادثة المذكورة، والقبلة في الأحيان بالشروط المتقدمة، مع أن هذا يكون تفضُلاً منه فلا يجب عليه، فإن خست نفس العاشق وجنحت إلى الفسق الصراح هجره وما عليه في ذلك من جناح، وإن قتله بعشقه فليقتله، فهذا بعض حقه. والله أعلم بالصواب، وعنده علم الكتاب. آخره، والله سبحانه وتعالى أعلم."

ومن فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية التي تبين أن هذه كذب – كما قال ابن القيم – قوله – كما في مجموع الفتاوى (15/ 289) -: إن المحب العاشق وإن كان إنما يحب النظر والاستمتاع بصورة ذلك المحبوب وكلامه، فليس دواؤه في أن يعطي نفسه محبوبها وشهوتها من ذلك؛ لأنه مريض، والمريض إذا اشتهى ما يضره أو جزع من تناول الدواء الكريه: فأخذتنا رأفة عليه حتى نمنعه من شربه؛ فقد أعناه على ما يضره، أو يهلكه، وعلى ترك ما ينفعه .. فليس الرأفة به والرحمة أن يمكن مما يهواه من المحرمات .. بل الرأفة أن يُعان على شرب الدواء وإن كان كريهاً: مثل الصلاة وما فيها من الأذكار والدعوات، وأن يُحمى عما يقوي داءه ويزيد علّته وإن اشتهاه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير