هل تريد الإشارة لشيء من خلال ما ذكرت أم مجرد توصيف للواقع
بارك الله فيك
الثاني.
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[18 - 04 - 07, 01:30 م]ـ
يمكنه إجراء العقد مع اعتقاد فساد الإلزام بالتحاكم لغير الشرع
في الصحيحين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((جاءتني بريرة: فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق , في كل عام أوقية. فأعينيني. فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم , وولاؤك لي فعلت. فذهبت بريرة إلى أهلها , فقالت: لهم. فأبوا عليها. فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس. فقالت: إني عرضت ذلك على أهلي , فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء. فأخبرت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء. فإنما الولاء لمن أعتق. ففعلت عائشة. ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس , فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: أما بعد. فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط. قضاء الله أحق. وشرط الله أوثق. وإنما الولاء لمن أعتق)).
والشاهد هو ما جاء في الحديث: فأخبرت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء. فإنما الولاء لمن أعتق.
فأمرها بالموافقة لهم على شرطهم مع أنه باطل.
الأخ الفاضل,
أخشى أن لا يصح الاستدلال بالحديث, لأن إذن النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها قد يكون من باب احتمال مفسدة إظهار الموافقة والرضا على شرط يتضمن محرم لتحصيل مصلحة تنجيز العتق, وأما في مسألتنا فالمفسدة تتعلق بالتوحيد إذ أنه سيظهر الرضا بالتحاكم للطاغوت, وهي مفسدة عظيمة لا تحتمل لأجل ما ذكر, وحفظ الدين هو أعظم المقاصد وأهم المصالح.
وقد عن في خاطري وأنا أتأمل المسألة أن الأولى أن لا يحمل إذن النبي صلى الله عليه وسلم على أنه إذن في محرم, والأولى أن يقال أن فعل عائشة لا يستلزم إظهار الرضا, لأنها قدمت لهم أنها تريد العتق لها فأبوا عليها, وبهذا لا تكون مظهرة لتمام الرضا بل مبرمة للعقد على مضض, ولكن قد يقال أن عدم الرضا يقتضي ترك العقد كله, ولذلك لم أصل لشيء أطمئن إليه حتى الآن
ومما يشار إليه هنا أن الحديث ليسي فيه إشار لقضية الرضا أو قضية احتمال مفسدة وتحصيل مصلحة بل قوله صلى الله عليه وسلم يفهم منه أن الإذن هو لبطلان الشرط وعدم الالتفات له (خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاؤ لمن اعتق) (وليشترطوا ما شاءوا) .. كما أن شراح الحديث في حدود ما بحثت لم يشيروا لهذه القضية, بل انظر ما قاله ابن تيمية:
" وقال شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله تعالى فصل: في {قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: ابتاعيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق} .. وقد أجاب طائفة بجواب ثالث ذكره أحمد وغيره. وهو أن القوم كانوا قد علموا أن هذا الشرط منهي عنه فأقدموا على ذلك بعد نهي النبي صلى الله عليه وسلم فكان وجود اشتراطهم كعدمه وبين لعائشة أن اشتراطك لهم الولاء لا يضرك فليس هو أمرا بالشرط؛ لكن إذنا للمشتري في اشتراطه إذا أبى البائع أن يبيع إلا به وإخبارا للمشتري أن هذا لا يضره ويجوز للإنسان أن يدخل في مثل ذلك. فهو إذن في الشراء مع اشتراط البائع ذلك وإذن في الدخول معهم في اشتراطه لعدم الضرر في ذلك ونفس الحديث صريح في أن مثل هذا الشرط الفاسد لا يفسد العقد. وهذا هو الصواب. وهو قول ابن أبي ليلى وغيره وهو مذهب أحمد في أظهر الروايتين عنه. وإنما استشكل الحديث من ظن أن الشرط الفاسد يفسد العقد وليس كذلك؛ لكن إن كان المشترط يعلم أنه شرط محرم لا يحل اشتراطه فوجود اشتراطه كعدمه؛ مثل هؤلاء القوم. فيصح اشتراء المشتري ويملك المشتري وبلغو هذا الشرط الذي قد علم البائع أنه محرم لا يجوز الوفاء به. وأما أولئك القوم فإن كانوا قد علموا بالنهي قبل استفتاء عائشة فلا شبهة. لكن ليس في الحديث ما يدل عليه؛ بل فيه {أن النبي صلى الله عليه وسلم قام عشية فقال: ما بال أقوام يشترطون يمينشروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط} وهذا كان عقب استفتاء عائشة وقد علم أولئك بهذا بلا ريب وكان عقد عائشة معهم بعد هذا الإعلام من الرسول صلى الله عليه وسلم فإما أن يكونوا تابوا عن هذا الشرط أو أقدموا عليه مع العلم بالتحريم. وحينئذ فلا يضر اشتراطه. هذا هو الذي يدل عليه الحديث وسياقه. ولا إشكال فيه ولله الحمد والمنة. وأما إن كان المشترط لمثل هذا الشرط الباطل جاهلا بالتحريم ظانا أنه شرط لازم، فهذا لا يكون البيع في حقه لازما ولا يكون أيضا باطلا. وهذا ظاهر مذهب أحمد؛ بل له الفسخ إذا لم يعلم أن هذا الشرط لا يجب الوفاء به؛ فإنه إنما رضي بزوال ملكه بهذا الشرط فإذا لم يحصل له فملكه له إن شاء وإن شاء أن ينفذ البيع أنفذه كما لو ظهر بالمبيع عيب وكالشروط الصحيحة إذا لم يوف له بها إذا باع بشرط رهن أو ضمين فلم يأت به فله الفسخ وله الإمضاء. والقول بأن البيع باطل في مثل هذا ضعيف مخالف للأصول؛ بل هو غير لازم يتسلط فيه المشتري على الفسخ كالمشتري للمعيب وللمصراة ونحوهما؛ فإن حقه مخير بتمكينه من الفسخ ...
فابن تيمية رحمه الله لم يشير لاعتبار قضية الرضا أو ترجيح المصالح والمفاسد, وإنما أشار لقضية بطلان الشرط وقضية أخرى ذكرها في قوله: " إذا أبى البائع أن يبيع إلا به " فكأنه يرى أن الجواز يتحقق إذا ما أبى البائع أن يبيع إلا بهذا الشرط
وهل يفهم من ذلك أن مفسدة إظهار الرضا تزول بمحاولة إبرام العقد بدون الشرط ثم إذا أبى البائع إلا أن يشترط تنتفي مفسدة الرضا بالشرط المحرم؟
أسأل الله أن يقيض لهذه المسألة من يحل إشكالتها
¥