تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد اشتهر في علم اللغويات (اللسانيات) ما يسمى بـ (الاحتواء اللغوي) [1] وهو الميل إلى إظهار المعرفة بلغة ما لغرض الحصول على مكانة أو احترام، وبعضهم يسميه (إظهار الامتياز) [2]، والمقصود أن كثيراً من الناس لا تكاد تتيسر أمورهم حتى يرشوا المسؤولين لا أقول ببعض المال وإنما بإظهار بعض المعرفة باللغة الأعجمية فيحصلون على المكانة والحفاوة ولو كان ذلك مجرد قشرة تخفي تحتها خواء علمياً وفقراً معرفياً بمتطلبات التخصص.

وذكرت وفقك الله:

وقد شاع بين الناس كثير من كلمات الرطانة، وهي سلسلة طويل ذرعها

منها:/

أوكي= تأكيد

تليفون= هاتف

موبايل = محمول

برنت= قائمه

بوردنق باص= بطاقة صعود الطائرة

كمبيوتر (6) = حاسوب

لابتوب = حاسوب محمول

سيدي = قرص للكتابه

باجورة= ظلة المصباح (7)

برواز= إطار

حرف تي، دايركت، يوتيرن، ... إلخ.

هذا صحيح، ولكن بودي لو حصل التنبيه على أن دلالة معنى الرطانة - كما هو واضح من التعريف - لا تقتضي التلازم بين التلفظ ببعض الكلام الأعجمي من جهة و دوافع الخيلاء والفخر من جهة أخرى. فالرطانة هي مجرد التحدث بها أو تطعيم الكلام العربي ببعضها، وهذا قد يحصل بقصد التظاهر أو بغير هذا القصد، وأعني بهذا أن كثيراً من المسلمين العرب الآن يتفوهون بكثير مما ذكرت أعلاه ولا علم لهم بأصلها أأعجمية أم عربية، حتى يبُيّن لهم المُطّلع على الأمر حقيقة الأمر. وبهذا الاعتبار لا ينطبق عليهم كثير مما تطرق له شيخ الاسلام من الميل لاستعمال لغة الأعاجم - وهذا لا بد فيه من قصد ليحصل أثر التشبه [3]- وما يورثه من مشابهة أهلها. ولكن يبقى أن لها أثر آخر وهو إضعاف مرونة اللسان العربي و حقن الفتور في التراكيب العربية الأصيلة، وهذا أثر يستتبع ظاهرة تسمى "التعاقب الصوتي" والتي هي استيراد الترتيب الصوتي للتركيب الأعجمي وإلباسه التركيب العربي [4] [5].

وقد عُدَّت الرطانة من نقصان المروءة (9)؛ لما أخرج ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) 5/ 300 ط. دار الكتب العلمية، ومالك في المدونة 1/ 62، عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال:" ما تكلم الرجل بالفارسية إلا خَبّ (صار خداعاً)، ولا خَبّ إلا نقصت مروءته".

وقد أورد الأثر شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الاقتضاء)) 1/ 465

وجاء في ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة 1/ 412 – 413، و ((نثر الدر)) للآبي ص132: قول الأصمعي: (ثلاثة تحكم لهم بالمروءة حتى يُعرفوا: رجل رأيته راكباً،أو سمعته يُعرب، أو شممت منه رائحة طيبة؛ وثلاثة تحكم عليهم بالدناءة حتى يعرفوا: رجل شممت منه رائحة نبيذ في محفل، أو سمعته يتكلم في مصر عربي بالفارسية، أو رأيته على ظهر الطريق ينازع القدر).

أقول: بارك الله فيك على هذه النقولات. ولكن يُلاحظ أن المحذور هنا خُصّ بالفارسية - ولعل في ذلك سرٌّ يحتاج لبحث [6]- فلمَ لم يجعلوا الرومية أو السريانية أو الحبشية كذلك؟

كانت هذه كلمات وخواطر، وأحب أن أشير إلى ان الدراسات اللغوية لتفاعل اللغات قد أخذت أبعاداً مديدة والاقتصار على كتب الأوائل مفيد ولكنه لا يكفي، كما لا يخفاكم.

================================

[1] accomodation

[2] prestige

[3] وذلك أن الأثر النفسي للقول وكذلك الفعل ينتفي بانتفاء القصد (إنما الأعمال بالنيات) وبعض شرّاح الحديث هذا جعلوا التقدير (إنما اعتبار الأعمال بالنيات) أي حصول الأعمال ليكون لها وجود يعتبر. ولكن يمكن أن يقال: الأخطر أن يتحول التشبه من عملية واعية إلى عملية لا واعية، وهو المعنى المشار إليه في حديث السنن وجحر الضب، فأكثر المقلدين المتشبهين من أمة محمد لا يعلم أنه متّبع تابع!

[4] phonotactic sequencing ، انظر (معجم المصطلحات اللغوية) د. رمزي بعلبكي، ط. دار العلم للملايين، ص 378.

[5] ومن الأمثلة (القبيحة) على ذلك لوحات المحال التجارية لدينا التي تكتب اسم المحل الأعجمي بالحرف العربي: مثال: pumpkin patch = بمبكن باتش، والأقبح كتابة اسم المحل العربي بالحرف الأعجمي (محل أبو فهد) = mahal abu fahad !!

[6] علينا أن نستحضر أثر استيحاش ونفور ثقافات وأمم معينة من بعضها البعض، ربما لأسباب تاريخية محضة، كتحصن الفرنسيين ضد الدخيل الأمريكي، أو أسباب دينية، كبغض المسلمين للفرس لأنهم أهل وثنية وميلهم للروم لأنهم أهل كتاب، وهذا الأخير له تعلق بموضوعنا هنا.

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 04:02 م]ـ

الأخ: عبد الرحمن السُديس، وفقه الله و سدده، أشكرُ لك ردَّك، و للمعارِضِ وَجهٌ و للموافقِ وجهٌ، و سيبقى الأمرُ أخذاً و رداً، أعيدُ لك شُكري و ثنائي، و لك محلُّك المحفوظُ الرفيعُ، دمتَ سعيداً رشيداً.

ـ[المقرئ]ــــــــ[11 - 04 - 07, 09:37 م]ـ

جزاكم الله خيرا ونفع بكم

وإن مما يلحظ علينا كثيرا أننا نحاول تعذير أنفسنا عند انتشار خطإ نظن أنه يصعب إيجاد حل له وما وقع هذا الخطأ إلا بسبب الإهمال أو قل عدم المبالاة

وهذا على المسلك الفقهي أو اللغوي أو السلوكي

أعتقد أن جزءا كبيرا من العلاج هو الإقرار بالخطأ وعدم محاولة تسطيحه أو حتى تبريره

فهذه خطوة جيدة للتصحيح

وفي مسألتنا أنا مع نداء الشيخ إبراهيم بمحاولة استخدام المصطلحات العربية والافتخار بها

سمعت قبل أيام محاضرة لأحد الأفاضل وكان يترنم بمصطلحات دخيلة لم أفهم أكثرها .... لماذا كل هذا

أسأل مرة أخرى لماذا كل هذا؟

أين اعتزازنا بلغتنا؟ هذا هو السؤال

هذه وجة نظري

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير