تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد كان السلف رحمهم الله يهتمُّون بالتحذير من هذه البدعة بأقوالهم وأفعالهم , حتى أنَّ ابن الحاج ت737هـ رحمه الله: ذكرَ أنَّ مما أخرج الإمام الآجُرِّي رحمه الله من بغداد: بدعة التلحين في الأذان ([15]).

وأكثر هؤلاء اللَّحانين من أئمة المساجد يلحنون لحناً لا يُحيل المعنى؟ ومع ذلك فقد ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنَّ الصلاة خلفَ مَن يفعل ذلك مكروهة.

قال الإمام الشافعي ت204هـ رحمه الله تعالى: (وأكرهُ أن يكون إماماً - أي اللَّحان - بحال) ([16]).

وقال الإمام أحمد ت241هـ رحمه الله تعالى: (كلُّ شيءٍ مُحدَثٍ أكرهُهُ , مثلَ التَّطريبِ) ([17]).

وقال الإمام ابن قدامة ت620هـ رحمه الله: (كره أبو عبد الله القراءة بالألحان , وقال: هي بدعة) إلى أن قال: (وكلام أحمد في هذا محمولٌ على الإفراط في ذلك , بحيث يجعل الحركات حروفاً , ويمدُّ في غير موضعه , فأما تحسين القراءة والترجيع فغير مكروه) ([18]).

وقال الإمام النووي ت676هـ رحمه الله تعالى: (إذا لَحَنَ في القراءة كُرهت إمامته مطلقاً) ([19]).

وقال أيضاً: (ويُكره التمطيط , وهو: التمديد والبغي , وهو التطريب , لِما رُوي: أنَّ رجلاً قال لابن عمر: ((إني لأحبك في الله , قال: وأنا أُبغضك في الله , إنك تبغي في أذانك)) قال حماد: «يعني التطريب» الشرح: هذا الحكم الذي ذكره متفقٌ عليه , وهكذا نصَّ عليه الشافعي في الأم) ([20]).

وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى: (يُكره إمامة اللحَّان , لأنه نقصٌ يَذهب ببعض الثواب) ([21]).

قال الماوردي ت885هـ رحمه الله تعالى: (وهذا المذهب , وعليه الأصحاب) ([22]).

وقال فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي رحمه الله تعالى: (وكذا لا يَحلُّ التَّرجيعُ في قراءَةِ القُرآنِ ولا التَّطريبُ فيه , ولا يَحلُّ الاستماعُ إليه , لأنَّ فيه تشبُّهاً بفِعلِ الفسقَةِ في حالِ فسقهم , وهو التَّغنِّي) ([23]).

ورُوي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن أراد أن يقرأ القرآن رطباً)) ([24]) أي: (ليناً لا شدَّة في صوت قارئه) ([25]).

وفي رواية: ((مَن أحبَّ أن يقرأ القرآن غضَّاً)) ([26]) أي: (الذي لم يتغيَّر , أراد طريقه في القراءة وهيأته فيها) ([27]).

وقال السيوطي ت911هـ رحمه الله تعالى: وقد قال صلى الله عليه وسلم في هؤلاء: ((مفتونة قلوبهم وقلوب من يُعجبهم شأنهم)) ([28]).

ومما ابتدعوه: شيء سَمّوه الترعيد: وهو أن يرعد صوته كالذي يرعد من برد أو ألم , وآخر سَمَّوه الترقيص: وهو أن يروم السكون على الساكن ثم ينفر مع الحركة كأنه في عدو أو هرولة , وآخر يُسمَّى التطريب: وهو أن يترنَّم بالقرآن ويتنغَّم به فيمدُّ في غير مواضع المدِّ , ويزيد في المدِّ على ما لا ينبغي , وآخر يُسمَّى التحزين: وهو أن يأتي على وجه حزين يكاد يبكي مع خشوع وخضوع) ([29]).

وقد ذكر فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله بن أبو زيد وفقه الله أنَّ من بدع القراء: (6 - التلحين في القراءة , تلحين الغناء والشِّعر , وهو مُسقط للعدالة , ومن أسباب ردِّ الشهادة قضاءً , وكان أول حدوث هذه البدعة في القرن الرابع على أيدي الموالي) إلى أن قال: (7 - قراءة التطريب بترديد الأصوات , وكثرة الترجيعات , وقد بحث ابن القيم رحمه الله تعالى هذه المسألة بحثاً مستفيضاً , وبعد أن ذكر أدلة الفريقين المانعين والمجيزين , قال رحمه الله تعالى: ((وفصل النزاع أن يُقال: التطريب والتغني على وجهين , أحدهما: ما اقتضته الطبيعة , وسَمَحَت به من غير تكلُّف ولا تمرين ولا تعليم , بل إذا خُلِّي وطبعه , واسترسلت طبيعتُه , جاءت بذلك التطريب والتلحين , فذلك جائز , وإن أعان طبيعتَه بفضل تزيين وتحسين , كما قال أبو موسى الأشعري للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((لو علمتُ أنك تسمعُ لحبَّرته لكَ تحبيراً)) ([30]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير