[بدع ومخالفات بعض الأئمة الرمضانية]
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[23 - 08 - 07, 10:27 ص]ـ
[بدع ومخالفات بعض الأئمة الرمضانية]
الشيخ / عبد الرحمن بن سعد الشثري
أسألُ الله تعالى أن يُبلِّغنا وإياكم رمضان , وأن يرزقنا صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً.
أيها المسلمون:
إنَّ من آثار رحمة الله سبحانه في حفظ كتابه: تنبيه العلماء على مُحدَثات جَهَلَة القُرَّاء.
ومن المعلوم:
أنَّ نشوء البدع إنما يكون من الإفراط والغلوِّ في الدين , وضعف البصيرة والفقه فيه.
ومِن أسباب فشوِّها وانتشارها:
السكوتُ عنها , وترك التحذير منها , وهذا من فتَرَات القصور والتقصير لدى بعض المشايخ وبعض طلبة العلم , غفرَ الله لنا ولهم.
ومن الغبن الفاحش: أن يكون إمام المسجد مُتلبِّساً ببدعة , فكيف إذا كانت من الْمُحدَثات في قراءة القرآن العظيم في الصلاة , ويظهرُ ذلك خاصة في صلاة التراويح في شهر رمضان , وهي بدعة الْمُبالغة في التطريب والتغريد في قراءة القرآن , والْمُبالغة في استعمال أجهزة الصدى ومُضخِّمات ومُرقِّقات الصوت , والْمُبالغة في رفع الصوت وخفضه في دعاء القنوت وترتيله وإطالته , مع التقصير الفاحش في أذكار وأدعية السجود والتشهد , والْمُبالغة فيما يُسمَّى بدعاء الختمة , وقد رُوي عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: (كلُّ عبادة لَم يتعبَّد بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبَّدوها , فإنَّ الأول لم يَدَع للآخِر مقالاً , فاتقوا الله يا معشر القرَّاء , وخذوا بطريق مَن كان قبلكم) ([1]).
وفي رواية للبخاري ([2]) أنه رضي الله عنه قال: (يا مَعشرَ القُرَّاءِ استقيمُوا فقدْ سَبقتُم سَبقاً بعيداً , فإن أخذتُم يميناً وشمالاً لقد ضلَلتُمْ ضَلالاً بعيداً).
وسأتحدث في هذه الرسالة عن بدع ومخالفات بعض الأئمة عبر المسائل الآتية:
المسألة الأولى: معنى التطريب والتلحين في قراءة القرآن وفي التكبير والتسميع في الصلاة:
إنَّ مِمَّا يُطلق عليه اللحن كما قال أئمة اللغة: التغريد والتطريب ([3]).
قال العلامة ابن الأثير: (ومنه حديث ابن عمر: ((قال لرجل أنا أُبغضك , قال: لِمَ؟ قال: لأنك تبغي في أذانك)) أرادَ التطريب فيه والتمديد , مِن تجاوز الحدِّ) ([4]).
وقال العلامة الفيروز آبادي ت817هـ: (ولَحَّنَ في قراءته: طرَّبَ فيها .. ) ([5]).
وقال العلامة ابن منظور ت711هـ رحمه الله: (والتطريبُ في الصوت مدُّه وتحسينه , وطرَّب في قراءته: مدَّ ورجع) ([6]).
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ت1420هـ رحمه الله: (وأما التلحين: فهو التطويل والتمطيط) ([7]).
المسألة الثانية: حكم التطريب والتلحين في قراءة القرآن وفي التكبير والتسميع في الصلاة:
روى الإمام ابن أبي شيبة ([8]) ت235هـ رحمه الله تعالى: (أنَّ مُؤذناً أذن فطرب في أذانه , فقال له عمر بن عبد العزيز: أَذن أذاناً سمحاً وإلاَّ فاعتزلنا).
قال العيني ت855هـ رحمه الله تعالى: (قوله ((سمحاً)) أي: سهلاً بلا نغمات وتطريب , قوله ((فاعتزلنا)) أي: فاترك منصب الأذان) ([9]).
وروى ابن أبي شيبة ([10]) أيضاً عن الأعمش: (أنَّ رجلاً قرأ عند أنس فطرب , فكره ذلك أنس).
(وسمعَ عبد الله بن عمر رجلاً يطرب في أذانه , فقال: لو كان عمرُ حيَّاً فكَّ لحييك) ([11]).
وروى ابن أبي شيبة ([12]): (أنَّ رجلاً قرأ في مسجد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في رمضان فطرَّبَ فأنكرَ ذلك القاسم وقال: يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز - لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}).
وقد رُوي عن سعيد بن المسيب رحمه الله: (أنه سمعَ عمرَ بن عبد العزيز يؤمُّ بالناس , فطرَّبَ في قراءته , فأرسلَ إليه سعيد يقول: أصلحك الله , إنَّ الأئمة لا تقرأُ هكذا , فترك عمرُ التطريب بعد) ([13]).
وروى أبو عوانة ([14]) عن ابن مهران قال: (كان الحسن يكره الأصوات بالقرآن هذا التطريب).
¥