تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

7ـ تجديد الطاقة، وتوجيه الهمَّة نحو العمل:

ومن مقاصد هذا الشهر تعويد البدن على العمل والحركة والنشاط، وكثرة الطاعات، وألوان العبادات، وأشكال البر والخيرات؛ ذلك أنَّ في هذا الشهر حيوية واضحة، ودورة إيمانية تربوية لائحة.

ويعجبني ما قاله الدكتور: بدران الحسن في مقال له بعنوان: (رمضان وتوحيده الأمَّة ثقافياً واجتماعياً) حيث يقول: (إنَّ رمضان يعلِّم الناس الإنجاز العملي، والإعراض عن الخوض في ما لا ينفع من القول، أو بتعبير مالك بن نبي ـ رحمه الله ـ إنَّ رمضان يعلِّمنا (المنطق العملي) فنتحوَّل من القول وفق ما يقول القرآن، إلى العمل بما يقول) ا. هـ.

ومن يلاحظ كثيراً من دور المسلمين وبيوتهم خلال هذا الشهر، فسيجد فيها الركود والتثاقل عن العمل، أو أنَّ بعضهم يبدأ هذا الشهر بهمَّة وثابة، وعزمة تواقة لكل خير، وما أن تمضي خمسة أيام أو عشرة حتَّى تجد الركود قد سرى في جسمه، والكلل بان على محياه، والملل صار طابعه في العمل.

لكنَّ الملاحظ في حياة الصحابة والسلف الصالح؛ قوَّة النشاط في تحري الخير، وكثرة العمل الصالح في هذا الشهر، ومن ذلك الغزوات والسرايا الكثيرة التي خرجت للجهاد في سبيل الله، ومنها معركة بدر في اليوم السابع عشر من رمضان للسنة الثانية من الهجرة، وفتح مكة في اليوم العاشر من رمضان في السنة الثامنة من الهجرة، وقد كان هذا في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ ثم أتت من بعده الفتوحات الإسلامية العظيمة، التي شرَّفت وجه الأمة الإسلامية بكثرتها لإدخال الناس في سبيل الله، وتحطيم الطواغيت التي تحول بين عوام الكفار وبين الدخول في الإسلام، ومن هذه الغزوات وقعة البويب في السنة الثالثة عشرة من الهجرة، وفتح النوبة في السنة الحادية والثلاثين من الهجرة، وفتح الأندلس في الثانية والتسعين من الهجرة، والفتوح الإسلامية للمسلمين في فرنسا في السنة الثانية بعد المائة من الهجرة، وفتح عمورية في السنة الثالثة والعشرين بعد المائتين الهجرية، وتوالت الفتوحات بعد ذلك بفتح حارم، وصفد، والمعركة العظيمة عين جالوت، وفتح أنطاكية، وفتح أرمينيا الصغرى، ومعركة شقحب، وفتح جزيرة قبرص في عهد المماليك، وفتح البوسنة والهرسك، وفتح بلاد الصرب وعاصمتها بلغراد.

كلُّ ذلك دليل واضح على أنَّ شهر رمضان، شهر عبادة وعمل وفتوح وانتصارات، لا شهر رفاهية، وكثرة وجبات، والتفنن في الأكلات، حتَّى إنَّه لو قدم قادم من دولة كافرة ورأى كثرة ذهاب الناس للأسواق قبل بداية شهر رمضان؛ لظنَّ أنَّ الشهر القادم شهر عيد وأعراس واحتفالات وتجمعات، فنسأل الله المزيد من عفوه.

والمراد أنَّه ينبغي على أهل الصيام أن يشدوا عزائمهم في السير نحو كلِّ طاعة، ويواصلوا عملهم الصالح في هذا الشهر، ويواكبوا مع تلك الأعمال الصالحة، حسن الخلق والبشاشة في وجوه الخلق، وقد أخرج الإمام أحمد في المسند بسند حسن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: (إنَّ الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)، فما البال وأهل الصيام صائمون في شهر رمضان، فماذا سيدركون مع صومهم وحسن خلقهم من الأجور الكثيرة، والحسنات الغزيرة من الكريم المتعال ـ سبحانه وبحمده ـ؟

نسأله ـ سبحانه ـ التوفيق والسداد، والهدى والرشاد، وعلى الله الاتِّكال، ومنه الاستمداد، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين.

ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[01 - 09 - 07, 12:25 م]ـ

بارك الله فيك ونفع بك

ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[13 - 09 - 10, 03:43 م]ـ

جزاك الله خير أخي

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير