تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

11 - وفيه قوة إيمان الصحابة فإنهم لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن وجوه الحكم أو المفاسد في قوله ذلك مع أنهم يعلمون أن هذا تغيير لما ورثوه عن آبائهم لما تقرر في النفوس أن هديه حجة على العالمين فهو سبحانه الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، فاكتفوا بهذا الأصل العام ولم يبحثوا في تفاصيل زائدة، فأكثر الناس لا يدركون المفاسد التي في البدع ومع ذلك تجدهم يعترضون ويعارضون أوامر الشرع ومقرراته بل ومقاصده في بعض الأحيان بعادات موروثة أشبه بالخرافات منها بالحقائق.

12 - وفيه أن كل عمل كان المتبع فيه الهوى بإطلاق من غير التفات إلى الأمر أو النهي فهو باطل باتفاق. وليلتنا هذه ليس لها تاريخ تأسيسٍ لا من جهة دينية ولا تاريخية أدبية. فعلم بذلك أنها من الخرافات الرافضية، وما أكثرها؟!

13 - وفيه أن العادات إذا لم تكن متممة مكملة للمشروع من العبادات إما أن تكون لغواً ولهواً لا فائدة فيه ومنه، وإما أن تكون موضوعة لمزاحمة مقاصد الشريعة، وكلا الأمرين موجود في هذه الليلة. ولكن أكثر الناس لايعلمون

فتخصيص أيام معينة بعمل زائد من المباحات كالفرح والاجتماع والتوسع في المآكل والمشارب والملابس زيادة في الدين معناها تعظيم هذا اليوم، ولا معنى لهذا التخصيص إلا ما قام في قلوب المعظَّمين من خصوصية هذا اليوم، وحيث لا أصل يعتمد عليه في تخصيص ليلة النصف من رمضان بهذا الاحتفال فإننا نقول: إن اعتياد ذلك من الإحداث في الدين، هذا إذا لم تكن هذه الأيام في مواسم طاعة فكيف إذا كانت كذلك، ودلالة هذا ظاهرة في الأحاديث التي سقناها فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن في الحديثين الأخيرين أنه بسبب العيد أجاز ما أجاز، فبسبب هذه الخصوصية حدّ الشرع قاعدة في المباحات التي تخالط مواسم العبادات هذا أولا، وثانيا: لم يلزم الشرع أحداً باعتياد فعل هذه الأمور – مع كونها مباحة- في كل عيد ومناسبة وهذا ظاهر لذوي الألباب وإنما بين كمال الشريعة زماناً في الأيام وبين مقاصد التشريع نوعاً في الأفعال، فمن زاد في شريعته بعد ما سمعه فإنه محدث فيها شيئا ما أنزل الله به من سلطان.

وفي الأحاديث: تقرير الشرع الحاجة إلى مثل هذا النوع من الأيام التي يباح فيها التوسع في المآكل والمشارب. فلذلك شرع ما فيه الكفاية من الأيام التي تكون فيها هذه الأمور موجودة عادةً مقصودة شرعاً، وبناء عليه فإنه لا يجوز إحداث أيام مثل الأعياد الشرعية ولا أن يفعل فيها ما يفعل في الأعياد والأيام الشرعية لئلا تكون مضاهية لها.

تعريف العيد: قال في لسان العرب: العيد كل يوم فيه جمع يعود كأنهم عادوا إليه وقيل اشتقاقه من العادة والعيد عند العرب الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن. 3/ 318 - 319 قال شيخ الإسلام: (فالعيد يجمع أموراً منها يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة، ومنها اجتماع فيه، ومنها: أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات وقد يكون مطلقا وكل هذه الأمور قد تسمى عيدا) انتهى من الاقتضاء 1/ 496. وهذا الضابط يصحح مفاهيم الناس لمعنى العيد.

فعلى هذا لم يرد في الشرع تخصيص ليلة النصف من رمضان بفضيلة. فالزمن الفاضل في الشريعة لا بد من النص عليه بعينه (كليلة القدر في رمضان) والعيدين، ولابد من تعيين الفضيلة التي فيه سواء كانت في العبادة أو في المباحات التي تفعل في المناسبات الدينية كقوله صلى الله عليه وسلم: (يوم الفطر، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب) رواه أحمد وأصحاب السنن إلا ابن ماجة عن عقبه بن عامر.

- كما أنه لم يرد عن واحد من السلف الصالح عبر القرون الثلاثة الأولى المفضلة أنه احتفى بهذه الليلة لا من طريق صحيح ولا ضعيف ولا موضوع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير