تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هنف الهاء والنون والفاء كلمةٌ واحدة، هي المُهَانَفَة: الضَّحِك فوق التبسُّم؛ قالوا: ولا يقال للرَّجُل تَهَانَفَ، فهو نعتٌ في ضحك النّساء خاصَّةً، حكاه الخليل، ويقال: بل التَّهَانُف: ضَحِك المستهزِئ

مقايس اللغة

عن ضحك سارة عليها السلام: {فَضَحِكَتْ} من الضحك المعروف والمراد به حقيقته عند الكثير، وكان ذلك عند بعضهم سروراً بزوال الخوف عن إبراهيم عليه السلام، والنساء لا يملكن أنفسهم كالرجال إذا غلب عليهن الفرح، وقيل: كان سروراً بهلاك أهل الفساد، وقيل: بمجموع الأمرين، وقال ابن الأنباري: إن ضحكها كان سروراً بصدق ظنها لأنها كانت تقول لإبراهيم: اضمم إليك لوطاً فإني أرى العذاب سينزل بقومه وكان لوط ابن أخيه. وقيل: ابن خالته وقيل: كان أخا سارة وقد مر آنفاً أنها بنت عم إبراهيم عليه السلام، وعن ابن عباس أنها ضحكت من شدة خوف إبراهيم وهو في أهله وغلمانه، والذين جاؤوه ثلاثة وهي تعهده يغلب الأربعين، وقيل: المائة، وقال قتادة: كان ذلك من غفلة قوم لوط وقرب العذاب منهم، وقال السدى: ضحكت من إمساك الأضياف عن الأكل وقالت: عجبا لأضيافنا نخدمهم بأنفسنا وهم لا يأكلون طعامنا، وقال وهب بن منبه: وروي أيضاً عن ابن عباس أنها ضحكت من البشارة بإسحق، وفي الكلام على ذلك تقديم وتأخير، وقيل: من المعجز الذي تقدم نقله عن جبريل عليه السلام، ولعل الأظهر ما ذكرناه أولاً عن البعض، وذهب بعضهم إلى أن المراد بالضحك التبسم ويستعمل في السرور المجرد نحو مسفرة ضاحكة، ومنه قولهم: روضة تضحك، وأخرج عبد بن حميد. وأبو الشيخ. وغيرهما عن ابن عباس أن بمعنى حاضت، وروي ذلك عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. ومجاهد. وعكرمة، وقولهم: ضحكت الأرنب بهذا المعنى أيضاً، وأنكر أبو عبيدة. وأبو عبيد. والفراء مجيء ضحك بمعنى حاض، وأثبت ذلك جمهور اللغويين، وأنشدوا له قوله:

تفسير الألوسي

وعن عامر بن يَساف، قال: قال لي الشَّعْبيُّ: امضِ بنا نفرَّ من أصحاب الحديث، فخرجنا، قال: فَمرَّ بنا شيخ، فقال له الشَّعْبيّ: ما صنعتُك؟ قال: رَفَّاء، قال: عندنا دَنٌّ مكسور ترفُوهُ لنا؟ قال: إن هيَّأتَ لي سُلوكاً مِن رَمل، رفَوْتُه. فضحِكَ الشعْبيُّ حَتَّى استلقى.

سير أعلام النبلاء

قال ابنُ الجوزي: حدثني محمد بن شاتيلَ المقرىء، حدثني أبو سَعْد بن أبي عِمامة

قال: كنتُ ليلة جالساً في بيتي، وقد نامَ الناسُ، فَدُقَّ البابُ، فإذا بفرَّاشٍ وخادمٍ ومعه شمعة، فقال: باسم الله، فأُدْخِلْتُ على المستظهر، وعليه أثرُ غَمَ، فأخذتُ في الحكايات والمواعِظِ وتصغيرِ الدنيا، وهو لا يتغيَّر، وأخذتُ في حكايات الكِرام وغير ذلك،

فقلتُ: هذا لا يَنَامُ، ولا يَدعُني أنامُ، فقلت: يا أميرَ المؤمنين، لي مسألةٌ، قال: قُلْ،

قلتُ: ولا تكتُمني؟

قال: لا،

قلتُ: بالله حَلَّ عليك نقدةٌ للبائع، أو انكَسَرَ زُورقُكَ، أو وقعوا على قافِلَةٍ لك، وضاق وقتُكَ؟ عندي طَبَق خلافٍ أنا أقرِضه لك، وتبقى بارزياً في الدُّروب وما يُخلي الله مِن رِزق، فهذا همٌّ عظيم، وقد مرستني الليلة.

فَضَحِكَ حتى استلقى، وقال: قُمْ، فعلَ الله بكَ وصنع، فقمتُ، وتبعني الخادم بدنانيرَ وتختِ ثياب.

سير أعلام النبلاء

توفّي للمنصور ابنةُ عمَ فحضر جنازتها وجلس لدفنها وهو متألّم لفقدها كئيب عليها. فأقبل أبو دُلامة وجلس قريباً منه. فقال له المنصور: ويحك، ما أعددتَ لهذا المكان؟ وأشار إلى القبر. فقال: ابنة عمّ أمير المؤمنين. فضحك المنصور حتى استلقى ثم قال له: ويحك فضحتَنا بين الناس.

الوافي بالوفيات

قال أبو نعيم: رأيت سفيانَ ضحك حتّى استلقى واحتاج بمكّة حتى استفّ الرمل ثلاثة أيّام.

الوافي بالوفيات

انتهينا .. والحمد لله رب العالمين

ـ[هشام الهاشمي]ــــــــ[20 - 11 - 10, 06:53 م]ـ

قال: وحَدَّثَنَي مُحَمَّد بن أبان، عن يَزِيد بن حَاتِم قال: كنت على باب المنصور أنا ويَزِيد بن أسيد إذْ فتح باب القصر، فخرج إلينا خادم للمنصور فنظر إلينا ثمّ انصرف عادياً، فأخرج رأسه من الستر، وقال:

لشتّان ما بين اليَزِيدين في الندى

يَزِيد سليم والأغر ابن حَاتِم

فلا يحسب التمتام أني هجوتهو

لكنني فضّلت أهل المكارم

ثمّ انصرف ثم عاد فأنشد ذلك ثلاث مرّات، فقال يَزِيد بن أُسيد وتمتم: نعم، نعم، على رغم أنفك وأنف من أرسلك، فرجع الخادم فأبلغها المنصور، فَبَلَغَنا أنه ضحك حتّى استلقى (1)

قال الإمامُ الذهبي - رحمه الله تعالى - في ترجمة (يحيى بن حمَّاد) من " السير ":

" وقال محمدُ بنُ النُّعْمان بنِ عبدِ السَّلامِ: لم أرَ أعبَدَ من يحيى بنِ حمَّاد، وأظُنُّه لم يضحك.

قلتُ: الضحك اليسير، والتبسُّمُ أفضل، وعدمُ ذلك من مشايخِ العلم على قسمين:

أحدهما: يكون فاضلًا لمن تركه أدبًا وخوفًا من الله، وحُزنًا على نفسه المسكينة.

والثاني: مذمومٌ لمن فعله حمقًا وكِبْرًا وتصنُّعًا، كما أنَّ مَنْ أكثر الضحك استُخِفَّ به، ولا رَيْبَ أنَّ الضحك في الشباب أخفُّ منه وأعذرُ منه في الشيوخ.

وأما التبسُّمُ وطلاقةُ الوجهِ، فأرفعُ من ذلك كلِّهِ. قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلَّمَ -: " تبسُّمُك في وجهِ أخيكَ صدقة ".

وقال جريرٌ - رضي الله عنه -: مارآني رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلا تبسَّم، فهذا خُلُق الإسلام.

فأعلى المقامات: مَنْ كان بكَّاءً بالليل، بسَّامًا بالنهار. وقال - عليه السَّلام -: " لن تسَعُوا النَّاسَ بأموالكم، فليسَعْهُم منكم بسطُ الوجهِ ".

بقيَ هنا شيءٌ؛ ينبغي لمن كان ضحوكًا بسَّامًا أن يقصُر من ذلك، ويلوم نفسه حتى لا تمُجَّه الأنفسُ، وينبغي لمن كان عبوسًا منقبضًا أن يتبسَّمَ، ويُحسِّنَ خُلُقَه، ويمقُت نفسه على رداءةِ خُلُقِه، وكل انحرافٍ عن الاعتدال فمذمومٌ، ولابدَّ للنفسِ من مجاهدةٍ وتأديبٍ ". اهـ كلامه - رحمه الله -. (2)

(1) تاريخ دمشق

(2) منقول من الاخ رمضان أبو مالك .. شكر الله له

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير