تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ضوابط الإعلان الإشهاري (الشيخ محمد علي فركوس)]

ـ[فريد المرادي]ــــــــ[27 - 11 - 08, 09:25 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

" ضوابط الإعلان الإشهاري "

بقلم: فضيلة الشيخ د. محمد علي فركوس - حفظه الله -

السؤال:

ممَّا لا يخفى أنَّ الإعلام التجاري - في إطار المنافسة التجارية - قد أضحى في عصرنا الحالي وسيلةً أساسيةً للتعريف بالسِّلع والبضائع والخدمات، والسؤال الذي يفرض نفسه: ما حكم تصميم الإعلانات الإشهارية؟ وكذا عرض اللوحات الإشهارية في مختلف الأماكن والمحطَّات في الطرقات والقطارات والحافلات وغيرها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فالإعلاناتُ الإشهاريةُ سواء كانت تجاريةً أو غيرَ تجاريةٍ تدخل في قسم المعاملات والعادات، والأصل فيها الإباحة والجواز ما لم يقترن بها محظورٌ شرعيٌّ ينقل الحكمَ إلى المنع، ويمكن أن يحافظ الإعلان الإشهاري على حكم الإباحة والحِلِّ إذا ما انضبط بجُملةٍ من الشروط تظهر على الوجه التالي:

الأول:

أن يكون الإعلان الإشهاري مباحًا في حَدِّ ذاته، خاليًا من الدِّعايات المبتذلة التي تنافي الأحكام الشرعيةَ، والأخلاق والقِيَمَ الإسلاميةَ وآدابَها، فلا يجوز تصميم الإعلانات التي تحتوي على الصور المثيرة للغرائز والشهوات، كعرض جسد المرأة بما فيها من العُري والتبرج والفتنة، وعموم الأفلام الماجنة والمثيرة، ولا للنوادي الليلية والحفلات المنكرة، وكتب أهل الفساد والفجور والضلال، ولا يجوز الترويج للخمر والدخان والمخدِّرات وغيرها، ولا لنوادي القِمار والرهان سواء كان رياضيًّا أو غيرَ رياضي، ويجب تجنُّبَها سواء كانت مصحوبةً بموسيقى أو خاليةً منها.

فالحاصل: أنَّ كُلَّ وسيلةٍ أبطلها الشرعُ وذمَّها لفسادها وإفسادها للدِّين والخُلق فهي محرَّمة، والتعاون عليها محرَّمٌ بنصِّ قوله - تعالى -: ? وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ? [المائدة: 2].

الثاني:

أن يتحرَّى المعلِنُ الصدقَ والأمانةَ في عرض السلع والخدمات، فلا يصوِّر الأمر على غير حقيقته بالكذب وإخفاء العيوب، أو بالمبالغة في حجم المنتوج المراد تصميم إعلانه ونشره، أو تضخيم محاسنه للمستهلك أو الزبون، فالواجب أن يكون الإعلان مطابقًا لحقيقة ما يعرضه من السلع والمنتوجات والخدمات على وجه الصدق والأمانة، لوجوب التحلِّي بالصدق وهو سبب البركة، وحرمة الكذب وكتمان العيوب، لأنه عِلة الكساد والمَحْقِ، قال - صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -: «المُتَبَايِعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» (1).

الثالث:

ومن هذا القبيل لا يجوز إشاعةُ إعلانٍ إشهاريٍّ فيه غِشٌّ وخِداع، ولا تهويل ما فيه مكرٌ وتزوير، ولا إيهام ما فيه تدليس لقوله - صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالمَكْرُ وَالخِدَاعُ فِي النَّارِ» (2)، ولقوله - صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، وَلاَ يَحِلُّ لمِسُلْمٍ إِذَا بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ أَنْ لاَ يُبَيِّنَهُ» (3)، ولقوله - صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -: «مَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ» (4).

الرابع:

أن لا ينعكس إعلانه الإشهاري سلبًا على غيره من التجار، بحيث يحدث ضررًا بمنتوجاتهم وسلعهم بالتحقير لأصنافها، والتهوين لأوصافها، والذمِّ لحسنها، كل ذلك لتحقيق مصالحه المادية على حساب مصالح غيره من التجار، لقوله - صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارٍ» (5)، ولقوله - صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (6).

الخامس:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير