تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من حِكَم الحج , للشيخ محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[08 - 11 - 08, 01:12 م]ـ

هذه الحكَمُ لم يردها الشيخ عنواناً , وإنما هي مقتطفةٌ من محاضرة له بعنوان: أركان الإسلام, وفي حديثه عن الحج قال حفظه الله:

الركن الخامس للإسلام: الحج

من حكم الحج تعظيم شعائر الله

وكذلك فإن الإنسان يستحضر أن الذين يشهدون الموقف كثير منهم لن يشهده أبداً، فلا يعود عليه هذا اليوم إلا وهو تحت التراب وبين الجنادل، وأن الذين شهدوه كذلك من الماضين قد تفاوتوا هذا التفاوت العجيب، وأن هذا المكان على مر الزمان يأتي فيه الناس لتجديد هذا العهد مع الله سبحانه وتعالى. ويستحضر الإنسان شعائر الله سبحانه وتعالى وما جاء في تعظيمها، كما قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] , ويستحضر أن الصفا والمروة من شعائر الله، كما قال سبحانه وتعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] , ويستحضر كذلك هذا البيت العتيق الذي أعتقه الله تعالى من العبادة في الدنيا فلم يعبده المشركون الذين كانوا يعبدون الحجارة، وإذا لم يجد أحد منهم ما يعبده من الحجارة جمع ربوة من تراب فحلب عليه شاة فإذا يبس لبنها اتخذه صنماً، وكان عمر بن الخطاب في الجاهلية يتخذ صنماً من تمر، فإذا جاع أكله ثم اتخذ صنماً آخر، ومع هذا فلم يعبدوا هذه الكعبة، فقد أعتقها الله تعالى وشرفها عن ذلك، فلم يعبدوا الكعبة ولم يعبدوا الحجر الأسود ولم يعبدوا مقام إبراهيم. ومن هنا يستحضر الإنسان ما جاء في حديث ابن عباس: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن استلمه أو قبله فكأنما قبل يمين الرحمن)، وكذلك ما جاء في استجابة الدعاء في الطواف وفي السعي، وما جاء في استجابة الدعاء بعد رمي الجمرة الصغرى وبعد رمي الجمرة الوسطى، وما جاء في استجابة الدعاء بعرفات، وما جاء في الوقوف بجمع بمزدلفة، ذلك الوقوف الذي بينه الله تعالى في كتابه وأمر به: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:198 - 199].

من حكم الحج تجديد العهد مع الله بالعبودية

كذلك من مشاهد القيامة التي يذكر بها الحج الحشر في عرفات، فإن الناس يجتمعون في هذا الوادي الذي هو بطن نعمان الذي أخرج الله فيه من آدم ذريته، كما في الحديث: (مسح الله ظهر آدم فأخرج منه ذرية، فقال: أي ربي! من هؤلاء؟ قال: خلق من ذريتك خلقتهم للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون. ثم مسحه ثانية فأخرج منه ذرية، فقال: أي ربي! من هؤلاء؟ قال: خلق من ذريتك خلقتهم للنار وبعمل أهل النار يعملون. وحينئذ دعاهم الله سبحانه وتعالى فقال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا). فيأتي المؤمنون لتجديد هذا العهد، فيجددون هذا العهد مع الله في كل سنة، هذا المكان الذي قلنا فيه: (بلى شهدنا) نعود إليه في هذا اليوم من كل سنة فنقول: بلى شهدنا. ولذلك فأفضل الدعاء دعاء يوم عرفه، وأفضل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والنبيون من قبله: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) كما في الحديث، فيجدد الناس بذلك العهد وينتظرون الوعد. وقد أخرج الشيخان في الصحيحين من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. من قالهن في يوم فمات دخل الجنة، ومن قالهن في ليلة فمات دخل الجنة)، هذا الدعاء العظيم الذي هو سيد الاستغفار فيه تذكر لهذا الموقف؛ فإن الإنسان يقول فيه: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك)، ويقر بذلك بالربوبية، (وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت)، وهذا إقرار بالإلهية؛ لأنه حقق أنه لا يعبد من سواه ولا يلتمس نفعاً ولا ضراً إلا منه سبحانه وتعالى، فلذلك قال: (وأنا على عهدك)، وهذا العهد هو الذي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير