ذكر أنه يدل على جواز المصافحة. ويجاب عنه: أن هذا الحديث ضعيف في إسناده إسماعيل بن أويس كان مغفلا سيء الحفظ، ضعفه أحمد، وابن معين والنسائي، وفيه محمد بن عجلان متكلم فيه، والقاعدة في الأصول: (أن سوء حفظ الراوي يقتضي رد خبره، وعدم الاحتجاج به)، هذا من جهة الثبوت، أما من جهة الدلالة فليس بصريح في المصافحة، فيحتمل أن المبايعة بمد اليد من غير مس، والقاعدة في الأصول: (إذا وجد الاحتمال - أي المساوي - سقط الاستدلال)، بل جاء ما يقوي هذا الاحتمال، وهو حديث عائشة السابق (ما مست يده يد امرأة ... )، والعجيب أن كاتب المقال ذكر تصحيح الحاكم، وسكوت الذهبي، وتحسين الألباني، وهذا من تدليسه حيث ظهر من مقاله أنه لا يأخذ بتصحيح هؤلاء، بل يحكم بنفسه على الأحاديث، ومع ذلك ذكرهم، ولا أظن الحديث يصح على مذهبه.
- ظاهر هذا الحديث تحريم مصافحة المرأة الأجنبية ولو كانت مع أمن الفتنة خلافا لبعض المعاصرين، مأخذ التحريم تقدم تقريره، وأما مأخذ كون التحريم صادقا على حال أمن الفتنة فمن قوله «يمس»، فهذا فعل، والأفعال نكرات، والقاعدة في الأصول: (أن النكرة في سياق الإثبات تفيد الإطلاق)، و بناء على ذلك فيصدق على أي مس سواء كان مع أمن الفتنة أو عدمه.
- ظاهر هذا الحديث تحريم مصافحة المرأة الأجنبية الشابة ولو كانت غير مشتهاة خلافا لجماعة (فهم من كلام بعض الحنفية، والحنابلة)، مأخذ التحريم تقدم تقريره، وأما مأخذ كون التحريم صادقا على غير المشتهاة فمن قوله: «امرأة»: فهذه نكرة في سياق الإثبات، والقاعدة في الأصول: (أن النكرة في سياق الإثبات تفيد الإطلاق)، والقاعدة في الأصول: (يجب العمل بالمطلق على إطلاقه)، ولا أعرف للذين قالوا باستثناء غير المشتهاة دليلا لتقييد هذا الإطلاق إلا المعنى، حيث قالوا المعنى الذي من أجله منع من مس المرأة حصول الفتنة، وهذا المعنى غير متحقق في غير المشتهاة، ويجاب عن هذا: أن القاعدة في الأصول: (وجوب تقديم النص على الرأي)، والقاعدة في الأصول: (لا يجوز تقيد المطلق بالمعنى)، ثم لا يسلم بانتفاء تحقق المعنى في غير المشتهاة، فإن لكل ساقطة لاقطة.
- وظاهر هذا الحديث تحريم مصافحة المرأة الأجنبية ولو كانت عجوزا خلافا للحنفية والحنابلة (المبسوط للسرخسي الحنفي، وكشاف القناع للبهوتي الحنبلي)، ومأخذ التحريم تقدم تقريره، ومأخذ كون التحريم صادقا على العجوز فمن قوله امرأة، وتقريره على الوجه الذي سبق في الشابة غير المشتهاة، ودليل المخالفين في المسألة المعنى، وتقريره على الوجه الذي سبق في الشابة غير المشتهاة، والرد عليه نظير ما سبق،
*وفي المبسوط للسرخسي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله في البيعة.
قلت: ويجاب عنه: أنه لا يعرف حديثا.
وفيه أيضا: أن أبا بكر رضي الله عنه كان يفعله.
قلت: ويجاب عنه: أنه لم يوقف عليه.
- وظاهر هذا الحديث تحريم مس أي عضو من المرأة الأجنية، سواء كان يدا أو غيرها، ومأخذ التحريم تقدم تقريره، وأما مأخذ كون التحريم صادقا على مس أي عضو من المرأة الأجنبية فمن قوله: «امرأة» فهذه نكرة، والقاعدة في الأصول: (أن النكرة في سياق الإثبات تفيد الإطلاق)، و بناء على ذلك فيصدق على مس أي عضو منها.
- وظاهر هذا الحديث تحريم أي مس للمرأة الأجنبية، سواء كان باليد، أو الرأس، أو الرجل ونحوها، ومأخذ التحريم تقدم تقريره، وأما مأخذ كون التحريم صادقا على أي مس فمن قوله «يمس»، فهذا فعل، والأفعال نكرات، والقاعدة في الأصول: (أن النكرة في سياق الإثبات تفيد الإطلاق)، و بناء على ذلك فيصدق على أي مس منه.
- ولا يفهم مما سبق أن الحكم خاص بالرجال، بل النساء والرجال في ذلك سواء، لأن فعل المرأة بمس الرجل، وتمكينه من ذلك تعاون على الإثم، وفي الكتاب قال تعالى: [ولا تعانوا على الإثم والعدوان]، وقوله سبحانه: [الإثم]: يشمل إثم مس المرأة، لأن القاعدة في الأصول: (أن الألف واللام تفيد العموم)، وقوله عز وجل: [لا تعاونوا]: نهي والقاعدة في الأصول: (أن النهي المطلق للتحريم)، والنساء يدخلن في هذا الخطاب على الصحيح من أقوال الأصوليين، فالقاعدة في الأصول: (أن ما ثبت في حق الرجال يثبت في حق النساء).
¥