تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ب-أن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهذا الفعل منه وهو تمكين المرأة الأجنبية من مسه يدل على الجواز في حقه، فالقاعدة في الأصول: (أن فعله غير التعبدي يفيد الجواز في حقه)، لأنه لا يفعل الحرام ولو فعله فإنه لا يقر عليه، والقاعدة في الأصول: (أن ما ثبت في حقه صلى الله عليه وسلم يثبت حق أمته مالم يرد دليل بالخصوصية)، للأدلة الدالة على مشروعية اتباعه والتأسي به، قلت: وقد دل الدليل على اختصاص الحكم به وهو حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، إذ دل على التحريم من جهة ترتيب الوعيد كما تقدم، وهو من باب الخبر لا الإنشاء، والقول بأن حديث أنس يدل على الجواز في حق سائر الأمة يقتضي نسخ حديث معقل رضي اله عنه، والقاعدة في الأصول: (أنه لا يجوز نسخ الأخبار)، لأنه يلزم من نسخها وقوع الخلف في خبر الشارع وهو ممنوع، ولا يمكن حمله على الكراهة لأنه تقدم أنه يدل على التحريم نصا فلا يجوز صرفه إلى الكراهة، فتعين حمله على الخصوصية أو القول بنسخه، وكذلك يقال في حق المرأة، فالنبي أقر أم حرام على هذا الفعل، والقاعدة في الأصول: (أن إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم- يدل على الجواز)، والقاعدة في الأصول: (أن ما ثبت في حق بعض الأمة يثبت في حق جميعها ما لم يقم دليل على خلاف ذلك)، وقد قام الدليل على عدم التعدية لسائر الأمة وهو ما تقدم، إذا تقرر ذلك فلا يصح الاستدلال به على جواز تمكين الرجل المرأة الأجنبية من فليه، وجواز ذلك لها.

2 - حديث أبي موسى رضي الله عنه، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء، فقال: «أحججت؟»، قلن: نعم، قال: «بم أهللت؟» قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أحسنت، انطلق، فطف بالبيت، وبالصفا والمروة»، ثم أتيت امرأة من نساء بني قيس، ففلت رأسي ... ".

قال فيما معنى كلامه: أنه يدل على جواز فلي المرأة الأجنبية، وأنه ليس بخاص بالنبي صلى اله عليه وسلم.

يجاب عنه من وجوه:

أ- أنه ليس في الحديث أن هذه المرأة كانت أجنبية فيحتمل أن تكون من محارمه، والقاعدة في الأصول: (أن الاحتمال - أي المساوي - يسقط الاستدلال)،

- قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: "وقوله: (ثم أتيت امرأة من بني قيس ففلت رأسي) هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرماً له".

- وقال ابن حجر- رحمه الله - في الفتح: "قوله (فأتيت امرأة من قومي)، وفي رواية شعبة: (امرأة من قيس)، والمتبادر إلى الذهن من هذا الإطلاق أنها من قيس عيلان، وليس بينهم وبين الأشعريين نسبة، لكن في رواية أيوب بن عائذ امرأة من نساء بني قيس، وظهر لي من ذلك أن المراد بقيس: قيس بن سليم والد أبي موسى الأشعري، وأن المرأة زوج بعض أخوته وكان لأبي موسى من الأخوة: أبو رهم، وأبو بردة، قيل ومحمد".

قال أبو عبد الله - عفا الله عنه -: لا دليل على أنها زوجة أحد إخوته، ولم يبين - رحمه الله - مستند الظهور، والاحتمال الذي ذكرته باقٍ على حاله، فرواية من قومي- عند الشيخين - أي الأشعريين، ورواية من قيس- عند البخاري - أي والده، ورواية من نساء بني قيس- عند البخاري -أي من محارمه، لا كما زعم الحافظ بدليل ما قد جاء عند مسلم بلفظ امرأة من بني قيس.

ب- على فرض أن ذلك كان من امرأة أجنبية منه، فلا دليل على جواز ذلك؛ لاحتمال عدم حصوله بمحضره صلى الله عليه وسلم، وعدم علمه بذلك، ومن ثم لا يكون إقرارا مفيدا للجواز، فالقاعدة في الأصول- على الصحيح -: (أن وقوع الفعل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يقم دليل على حصوله بمحضره، أو بلوغه له وإقراره، لا يدل على جواز ذلك الفعل)

"انظر في ذلك: شرح اللمع (1/ 562)، تقريب الأصول ص281، مفتاح الأصول ص591".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير