تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مضى التفصيل في عناية سماحة شيخنا ابن باز - رحمه الله - بطلب العلم، والتنويه بأهم شيوخه الذين تأثَّر بهم واستفاد منهم؛ إلا أنه برز من شيوخه الذين أفادوا الشيخَ في علوم الحديث: متونًا، وشروحًا، وأصولاً - عالمان جليلان، هما:

1 - الشيخ المحدِّث المسند سعد بن حمد بن عتيق 1349هـ.

وكان قد تلقى علوم الحديث عن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام، وفي رحلاته إلى الهند والحجاز؛ حيث تلقَّى أسانيدهما عمَّن أجازه من شيوخهما.

وسماحة الشيخ ابن باز أخذ عنه، ودرس عليه، واستفاد منه، لكن بعدما كبر الشيخ سعد بن عتيق وضعفتْ قواه، ومع ذلك بعث هذا التلقي في نفس الشيخ الاهتمامَ بالحديث النبوي.

2 - الشيخ المحدث الفقيه محمد بن إبراهيم آل الشيخ 1389هـ.

وهو الشيخ الذي طالتْ ملازمةُ سماحة شيخنا له مدة عشر سنين متواصلة، من سنة 1347 - 1357هـ إلى توليه القضاءَ، وتنوَّعتْ دراستُه على شيخه في فنون العلم، وفي مقدمتها علم الحديث النبوي، بحفظ متونه، وشرحها، ومطالعة شروح مطولاته، وحفظ أصول الحديث وهو "مصطلحه".

هذا، وقد حفظ شيخنا - رحمه الله - من متون الحديث:

- "الأربعين النووية"، للشرف محيي الدين النووي 676هـ - رحمه الله - وتتمة ابن رجب - رحمه الله.

- كما حفظ متن "عمدة الأحكام"، للشيخ عبدالغني بن عبدالواحد بن سرور المقدسي 600هـ، وهي التي كان شيخنا يسميها اختصارًا: عمدة الحديث.

- كما حفظ متن "بلوغ المرام، من أدلة الأحكام"، للحافظ الشهاب أحمد بن علي بن حجر العسقلاني 852هـ.

وكان لسماحة الشيخ عناية بأكبر كتب أحاديث الأحكام المعتبرة والمطبوعة المنشورة عند الحنابلة، وهو كتاب "منتقى الأخبار"، للمجد أبي البركات ابن تيميَّة 621هـ جد شيخ الإسلام ابن تيميَّة، حيث اعتنى به سماعًا وإقراءً، وشرحًا وبحثًا فيه وفي شرحه "نيل الأوطار"، لمحمد علي الشوكاني 1250هـ.

وهذه المتون وشروحها، سمع الشيخ قراءتها، وشرحها، والتقرير عليها، من شيوخه، كما تلقَّى عنهم أصولَ الحديث من خلال "نخبة الفكر"، وشرحها للحافظ ابن حجر "نزهة النظر"، و"اختصار علوم الحديث"، المعروف والمشهور بـ"مقدمة ابن الصلاح".

واعتنى الشيخ بـ"ألفية العراقي"، كما سيأتي له مزيد بسط في عناية الشيخ بأصول الحديث.

- وكان لسماحة الشيخ عناية بقراءة الصحيحين: "صحيح البخاري"، و"صحيح مسلم"، والسنن، و"مسند الإمام أحمد"، سماعًا لها في مراحل الطلب، وإقراءً لها في مراحل التعليم وبث العلم.

ومطالعة كتب الشروح عليها، ولا سيما في "صحيح البخاري"، الشرحين الشهيرين:

1 - "فتح الباري بشرح صحيح البخاري"، للحافظ ابن حجر العسقلاني.

2 - "عمدة القاري شرح صحيح البخاري"، للبدر العيني الحنفي.

مع رجوعه إلى شرح القسطلاني "إرشاد الساري شرح صحيح البخاري".

وكذا شروح كتب السنن، ومطولات الشروح عليها، وعلى كتب الأحكام، حيث حبُّه لمطالعة كتب شروح الأحاديث ومبسوطاتها أشد حفاوة، وعناية، واهتمامًا من كتب مطولات الفقه المذهبي.

هل كان الشيخ يحفظ الصحيحين؟

هذا السؤال كثر في حياة الشيخ وبعد وفاته، وسمعت منه - رحمه الله - أنه لم يحفظ الصحيحين نصًّا، وإنما الظاهر لنا أنه كان يستظهرهما استظهارًا؛ بسبب كثرة المطالعة فيهما، وقراءتهما، وتَكرار الرجوع إليهما.

لكن استظهار الشيخ لـ"صحيح مسلم" أشد وأضبط، حتى ربما يصل هذا القدر إلى حفظه بمتنه وسنده، وهذا ما لاحظته عليه - رحمه الله - عند قراءة "صحيح مسلم" عليه، أو الاستشهاد منه، أو الإحالة عليه بألفاظه وتميز رجاله.

هل اعتنى الشيخ بالأسانيد والإجازات؟

وهذا ما لم ألحظه عليه - رحمه الله - كيف وشيخاه: الشيخ سعد بن عتيق، والشيخ محمد بن إبراهيم، من العلماء المسندين والمجيزين، ولم يستجزهما الشيخ، فقد سألته عن ذلك!

وقد أجازه - رحمه الله - جم من العلماء، ولكن بدون طلب منه، ومنهم الشيخ محمد شفيع الديوبندي بمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومع هذا لم يهتم - رحمه الله - بالاستجازة والإجازة، معللاً ذلك لي لما سألته بأن هذا يشغل الطالبَ عن الاهتمام بالعلم إلى غيره، وأن هذا لا يفيد، والمقصود العلم بالحديث والعمل به.

ملحوظة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير