وقال سيِّد قطب: (فلا يقل أحد غير ما قال الله. لا يقل أحد إن الاختلاط، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب، وأعف للضمائر، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك. . إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين. لا يقل أحد شيئاً من هذا والله يقول: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) ([17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn17)). . يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات. أمهات المؤمنين. وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق! وحين يقول الله قولاً ويقول خلق من خلقه قولاً. فالقول لله سبحانه وكل قول آخر هراء، لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله، وكذب المدعين غير ما يقوله الله) ([18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn18)).
الباب الثاني: الأحاديث النبوية.
الحديث الأول:
عن عقبة بن عامر t أن رسول الله r قال: «إياكم والدخول على النساء». فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو قال «الحمو الموت» ([19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn19)).
وجه الاستدلال: أنه حذّر من الدخول على النساء باسم فعل الأمر "إياك" والمعنى (احفظوا أنفسكم واتقوا الدخول على النساء) ([20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn20))، فهو أمرٌ باتقاء الدخول على النساء و (الأمر يفيد الوجوب) ([21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn21))، ونهي عن الدخول عليهن؛ لأن (الأمر بالشيء نهي عن ضدّه) ([22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn22)) و (النهي يفيد التحريم) ([23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn23)).
وقوله: (إياكم) يعم المخاطبين بضمير الجمع ([24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn24))، وقوله: (الدخول) يفيد العموم فيشمل دخول الخلوة وغيرها، والقاعدة الاستدلالية: (أن الألف واللام إذا دخلت على اسم مفرد أفادت العموم) ([25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn25)) فلا يصح حمله على صورة الخلوة دون غيرها إلا بدليل يقوى على تخصيص العموم، فلا يصح حمل ضمير الجمع الدال على عموم المخاطبين، ولفظ (الدخول) الدال على منع شتى صور الدخول، ولفظ (النساء) الدال على عموم جميع النساء؛ على صورة واحدة نادرة من أفراد هذا العموم وهي: دخول رجل واحد على امرأة واحدة، وإلغاء جميع الصور الأخرى كدخول رجل واحد على (النساء).
قال ابن حجر –رحمه الله- في شرحه: (وتضمن منع الدخول منع الخلوة بها بطريق الأولى) ([26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn26)).
قال الأمين الشنقيطي –رحمه الله-: (وظاهر الحديث التحذير من الدخول عليهنّ ولو لم تحصل الخلوة بينهما، وهو كذلك، فالدخول عليهن والخلوة بهن كلاهما محرّم تحريمًا شديدًا بانفراده، كما قدّمنا أن مسلمًا رحمه اللَّه أخرج هذا الحديث في باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، فدلّ على أن كليهما حرام.) ([27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn27)).
وقال أيضًا: (فتأملوا قوله r في دخول قريب الزوج على زوجته «الحمو الموت» لتدركوا أن اختلاط الرجال الأجانب بالنساء الأجنبيات أنه هو الموت) ([28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn28)).
وفيه تأكيدٌ للعموم بالتنصيص على عدم استثناء أقارب الزوج من هذا العموم.
وقد استدلّ بعض من أجاز الاختلاط بوقوعه في المسجد النبوي في عصر الرسالة، فلننظر في الأحاديث الواردة في صلاة النساء في المسجد:
الحديث الثاني:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود t: عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا» ([29] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn29))
¥