تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم لا تسابق على الصف الأول والنبي r يقول: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» ([43] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn43))

ومن جوابه تعلم وجه الاستدلال وهو: أنّ تفضيل الصفوف الأخيرة مع فوات أجر التقدّم ([44] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn44)) يدلُّ على مشروعية بُعدِ المرأة عن الرجال، وأنّها كلّما كانت أبعد عنهم كانت أقرب إلى الخير، وكلما قرُبت منهم كانت أقرب إلى الشر، فدلّ على أنّ الاختلاط شرٌّ، والبعد عنه خير.

قال النووي / في شرحه للحديث: (وَإِنَّمَا فَضَّلَ آخِر صُفُوف النِّسَاء الْحَاضِرَات مَعَ الرِّجَال لِبُعْدِهِنَّ مِنْ مُخَالَطَة الرِّجَال وَرُؤْيَتهمْ وَتَعَلُّق الْقَلْب بِهِمْ عِنْد رُؤْيَة حَرَكَاتهمْ وَسَمَاع كَلَامهمْ وَنَحْو ذَلِكَ، وَذَمَّ أَوَّلَ صُفُوفهنَّ لِعَكْسِ ذَلِكَ. وَاَللَّه أَعْلَم.) ([45] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn45))

وقال الشوكاني /: (قَوْله: (وَخَيْرُ صُفُوف النِّسَاء آخِرُهَا) إنَّمَا كَانَ خَيْرهَا لِمَا فِي الْوُقُوف فِيهِ مِنْ الْبُعْد عَنْ مُخَالَطَة الرِّجَال) ([46] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn46))

وقال السندي / في حاشيته على سنن النسائي: (أَيْ أَقَلّهَا أَجْرًا وَفِي النِّسَاء بِالْعَكْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُقَارَبَة أَنْفَاس الرِّجَال لِلنِّسَاءِ يُخَاف مِنْهَا أَنْ تُشَوِّش الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُل وَالرَّجُلُ عَلَى الْمَرْأَة ثُمَّ هَذَا التَّفْضِيل فِي صُفُوف الرِّجَال عَلَى إِطْلَاقه وَفِي صُفُوف النِّسَاء عِنْد الِاخْتِلَاط بِالرِّجَالِ كَذَا قِيلَ وَيُمْكِن حَمْله عَلَى إِطْلَاقه لِمُرَاعَاةِ السَّتْر فَتَأَمَّلْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.) ([47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn47))

لقائل أن يقول: هذا في صفوف الصلاة، ولكن الاختلاط واقع قبل ذلك وبعده عند الدخول إلى المسجد وعند الخروج منه، فهل خصص النبي r بابًا خاصًّا للنساء حتى لا يختلطن بالرجال؟

يتبين الجواب بالحديث التالي:

الحديث الرابع:

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: « لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ». قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ ([48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn48)).

وفي رواية: أنّ رسول الله r لما بنى المسجد جعل بابا للنساء، وقال: «لا يلجن من هذا الباب من الرجال أحد» ([49] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn49)).

وجه الاستدلال: قوله r: ( لو تركنا .. ) فيه حثٌّ على تخصيص ذلك الباب ([50] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn50)) للنساء دون الرجال؛ فإنّ من معاني (لو) العرض والتحضيض، قال في شرح الكوكب المنير: (وتأتي لو أيضا لعرض نحو: "لو تنزل عندنا فتصيب خيرا"، وتأتي [لو] أيضا لتحضيض نحو "لو فعلت كذا"، أي: افعل كذا. والفرق بينهما: أن العرض: طلب بلين ورفق، والتحضيض: طلب بِحَثٍّ) ([51] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn51))، وعلى كلا المعنين تدلُّ على الطلب، والقاعدة في الأصول: (أنّ الطلب الجازم يدلُّ على الوجوب، والطلبُ غير الجازم يدلُ على الاستحباب) ([52] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn52))، وبالنظر في علة ذلك نجد أن العلة المناسبة هي: الفصل بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهما، والقاعدة في الأصول: (أنّ من مسالك إثبات العلّة: المناسبة) ([53] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn53))، ولذلك بوّب عليه أبو داوود في سننه بقوله: (بَاب فِي اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ عَنْ الرِّجَالِ) ([54] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn54))، وإذا ثبتَ هذا في محل الدخول والخروج مع عدم مكثهنّ فيه ثبتَ في أمكنة الدراسة والعمل والمجالس التي يطول البقاء فيها، وهذا ما يعرف في علم أصول الفقه بـ (قياس الأولى) ([55] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn55))، والنتيجة: أنّ الفصل بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط مطلوبٌ شرعًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير