الرِّجَالِ وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ) ([91] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn91)).
قال ابن حجر في شرحه: (قَوْله: (وَقَدْ طَافَ نِسَاء النَّبِيّ r مَعَ الرِّجَال) أَيْ غَيْر مُخْتَلِطَات بِهِنَّ) ([92] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn92))، و قال: (قَوْله: (حَجْرَة) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْجِيم بَعْدهَا رَاءٍ أَيْ نَاحِيَة، قَالَ الْقَزَّاز: هُوَ مَأْخُوذ مِنْ قَوْلهمْ: نَزَلَ فُلَان حَجْرَة مِنْ النَّاس أَيْ مُعْتَزِلًا) ([93] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn93)).
ومن فوائده:
· أنّ استعمال لفظة "الاختلاط" على هذا المعنى معروفٌ من فجر الإسلام، فهو لفظ أصيل واستعمالٌ سلفيٌّ معروف، وليس مصطلحًا دخيلا كما ادّعى البعض!.
· وأنّ ترك الاختلاط بالرجال، حتى في الطواف هو هدي الصالحات الطاهرات أمهات المؤمنين، مع أنهنّ أبعد النساء عن الافتتان ونحوه.
· وأن الاختلاط بالرجال مستنكرٌ في ذلك الزمن المفضّل ولذلك قال ابن جريج متعجبًا مستنكرًا: (كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ!).
· وأنّ الفرق بين الاختلاط الممنوع وبين وجود النساء مع الرجال في مكان واحد مع التباعد التام بينهم والتميُّز - كمؤخرة المسجد ونهاية المطاف وحافة الطريق- كان مستقرًا عندهم.
الحديث التاسع
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ» ([94] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn94)).
وجه الاستدلال: أن النبي r أمر باتقاء النساء، و (الأمر يفيد وجوب المأمور به) ([95] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn95))، فيجب على الرجال اتقاء النساء، ولا يتحقق هذا إلا بترك الاختلاط بهنّ، ومن وجه آخر فإنّ (الأمر بالشيء نهي عن أضداده) ([96] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn96))، فيكون نهيًا عن مخالطة النساء؛ لأن المخالطة مضادة للاتقاء، و (النهي يقتضي التحريم) ([97] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn97)).
وماقيل في لفظ (النساء) في الأحاديث السابقة من حيث دلالته على العموم؛ يقال في هذا الحديث.
ثم إنّ الأمر بالاتقاء معلل بكون النساء فتنة، من اقتران الحكم بوصف بلفظ (فإنّ) وهو مسلك من مسالك العلة صريح في التعليل عند الآمدي وابن الحاجب وغيرهما ([98] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn98)) فيدلّ على المنع من كل ما فيه فتنة لأن (العلة تعمم معلولها) ([99] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn99)).
وفي قوله r: ( فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ) مشروعية أخذ العبرة من المجتمعات التي وقعت فيها الفتن والضياع الأخلاقي بسبب مخالفة هذا الأمر (وَاتَّقُوا النِّسَاءَ).
الحديث العاشر
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ب عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ» ([100] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn100)).
وجه الدلالة: فيه أن النساء أضر الفتن على الرجال، واتقاء الفتنة –عمومًا-، وفتنة النساء خصوصا –كما في الحديث السابق- واجب شرعي لأدلة كثيرة، وقد بوّب البخاري في كتاب الإيمان بقوله: (بابٌ من الدين الفرار من الفتن) ([101] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn101))، وذكر حديث النبي r: « يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن» ([102] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn102))، وقد قال النبي r « تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن» ([103] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn103))، فإذا ثبت أن النساء فتنة للرجال، وأنّ اتقاء الفتنة واجبٌ ثبت أن مخالطة الرجال للنساء محرمة لتضمنها ترك الواجب.
¥