تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في رجل أجنب في ثوبه، فلم ير أثره، قال:

"يغسله كله".

ثنا جابر: ثنا حفص عن أشعث عن الحكم:

"أن ابن مسعود كان يغسل أثر الاحتلام من ثوبه".

ثنا حسين بن علي عن جعفر بن بُرقان عن خالد بن أبي عزة، قال:

سأل رجل عمر بن الخطاب فقال: إني احتلمت على طنفسة، فقال:

"إن كان رطبا فاغسله، وإن كان يابساً فاحككه، وإن خفي عليك فارششه".

قالوا: وقد ثبت تسمية المني أذىً كما سمِّي دم الحيض أذىً، والأذى هو النجس.

فقال الطحاوي:

ثنا ربيع الجِيزي: ثنا إسحاق بن بكر بن مضر، قال: حدثني أبي عن جعفر بن ربيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن خديج عن معاوية بن أبي سفيان أنه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم:

"هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يضاجعك فيه؟ قالت: نعم، إذا لم يصبه أذى".

وفي هذا دليلٌ من وجهٍ آخر، وهو ترك الصلاة فيه.

وقد روى محمد (عن) عبدالله بن شقيق عن عائشة قالت:

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في لُحف النساء".

قالوا: وأما ما ذكرتم من الآثار الدالة على مسحه بإذخرة وفركه، فإنما هي في ثياب النوم لا في ثياب الصلاة!

قالوا: وقد رأينا الثياب النجسة بالغائط والبول والدم لا بأس بالنوم فيها، ولا تجوز الصلاة فيها، فقد يجوز أن يكون المني كذلك!

قالوا: "وإنما تكون تلك الآثار حجة علينا لو كنا نقول: لا يصح النوم في الثوب النجس، فإذا كنا نبيح ذلك، ونوافق ما رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ونقول من بعدُ: لا تصلح الصلاة في ذلك، فلم نخالف شيئاً مما روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم"!

قالوا: "وإذا كانت الآثار قد اختلفت في هذا الباب، ولم يكن فيها دليل على حكم المني كيف هو؟! اعتبرنا ذلك عن طريق النظر، فوجدنا خروج المني حدثا (من) أغلظ الأحداث، لأنه يوجب أكبر الطهارات، فأردنا أن ننظر في الأشياء التي خروجها حدث كبير كيف حكمها في نفسها؟! فرأينا الغائط والبول خروجهما حدث، وهما نجسان في أنفسهما، وكذلك دم الحيض والاستحاضة هما حدث، وهما نجسان في أنفسهما، ودم العروق كذلك في النظر!

فلما ثبت بما ذكرنا أن كل ما خروجه حدث فهو نجس في نفسه، وقد ثبت أن خروج المني حدث، ثبت أيضاً أنه في نفسه نجس، فهذا هو النظر فيه"

قال المطهِّر:

ليس في شيء مما ذكرت دليلٌ على نجاسته.

أما كون عائشة كانت تغسله من ثوب الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا ريب أن الثوب يُغسل من القذر والوسخ والنجاسة، فلا يدل مجرد غسل الثوب منه على نجاسته، فقد كانت تغسله تارةً، وتمسحه تارةً أخرى، وتفركه أحياناً، ففركه ومسحه دليل على طهارته، وغسله لا يدل على النجاسة، فلو أعطيتم الأدلة حقها لعلمتم توافقها وتصادقها، لا تناقضها واختلافها.

وأما أمر ابن عباس بغسله، فقد ثبت عنه أنه قال:

"إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق، فأمطه عنك ولو بإذخرة".

وأمره بغسله للاستقذار والنظافة.

ولو قدر أنه للنجاسة عنده، وأن الرواية اختلفت عنه، فتكون مسألة خلاف عنه بين الصحابة، والحجة تفصل بين المتنازعين، على أنا لا نعلم عن صحابي –ولا أحد- أنه قال: إنه نجس. ألبته! بل غاية ما يرونه عن الصحابة غسله فعلاً وأمراً، وهذا لا يستلزم النجاسة.

ولو أخذتم بمجموع الآثار عنهم لدلت على جواز الأمرين: غسله للاستقذار، والاجتزاء بمسحه رطبا، وفركه يابساً كالمخاط.

وأما قولكم: ثبت تسمية المني أذى، فلم يثبت ذلك، وقول أم حبيبة "ما لم ير فيه أذى"، لا يدل على أن مرادها بالأذى المني، لا بمطابقة، ولا تضمن، ولا التزام!!

فإنها إنما أخبرت بأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الثوب الذي يضاجعها فيه ما لم يصبه أذى، ولم تزد، فلو قال قائل: المراد بالأذى دم الطمث، لكان أسعد بتفسيره منكم!

وكذلك تركه الصلاة في لحف نسائه لا يدل على نجاسة المني ألبته، فإن لحاف المرأة قد يصيبه من دم حيضها وهي لا تشعر، وقد يكون الترك تنزها عنه وطلب الصلاة على ما هو أطيب منه وأنظف، فأين دليل التنجيٍس؟!

وأما حملكم الآثار الدالة على الاجتزاء بمسحه وفركه على ثياب النوم دوم ثياب (الصلاة)، فنصرة المذاهب توجب مثل هذا!

فلو أعطيتم الأحاديث حقها، وتأملتم سياقها وأسبابها، لجزمتم بأنها إنما سيقت لاحتجاج الصحابة بها على الطهارة، وإنكارهم على من نجَّس المني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير