قال الخطابي الحكمة في النهي أن النعل شرعت لوقاية الرجل عما يكون في الأرض من شوك أو نحوه فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لإحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى فيخرج بذلك عن سجية مشيه ولا يأمن مع ذلك من العثار وقيل لأنه لم يعدل بين جوارحه وربما نسب فاعل ذلك إلى اختلال الرأي أو ضعفه. فتح الباري لابن حجر (10/ 309)،معالم السنن للخطابي (4/ 204)،المجموع (4/ 467)،مشكل الآثار للطحاوي (3/ 373)،شرح النووي على مسلم (14/ 75)
القول الثالث:
إنما كره ذلك والله أعلم لأنه لم يعدل بين جوارحه ورجليه وهو من باب المثله. شرح ابن بطال لصحيح البخاري (17/ 152)،مغني المحتاج (1/ 309)
القول الرابع:
وقال البيهقي الكراهة فيه للشهرة فتمتد الأبصار لمن ترى ذلك منه وقد ورد النهي عن الشهرة في اللباس فكل شيء صير صاحبه شهرة فحقه أن يجتنب.فتح الباري لابن حجر (10/ 309)،الفروع وتصحيح الفروع (1/ 315)
والصحيح القول الأول.
هل يقاس على النعال كل لباس كان شفعا؟
قال الخطابي: وقد يدخل في هذا المعنى كل لباس ينتفع به كالخفين وادخال اليد في الكمين والتردي بالرداء على المنكبين. فلو أرسله على إحدى المنكبين وعرَّى منه الجانب الآخر كان مكروهاَ على معنى الحديث ولو أخرج إحدى يديه من كمه وترك الأخرى داخل الكم الآخر كان كذلك في الكراهة والله أعلم.معالم السنن (4/ 204)،شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك (4/ 347)
قال الصنعاني: ولا يخفى أن هذا من باب القياس ولم تعلم العلة حتى يلحق بالأصل فالأولى الاقتصار على محل النص.سبل السلام (4/ 158)
قلت: والصواب أن العلة قد علمت،كما مرّ معنا،فلا مانع من القياس.
ماذا يفعل من قطعت نعله وهو يريد متابعة المشي؟
إذا كان يمشي في نعليه وانقطع أحدهما فلا يمش في نعل واحدة والأخرى حافية فإما أن يصلحها ويمشي بهما أو يخلعهما ويحتفي،هذا هو قول المالكية والحنابلة.
المذهب المالكي:
عن ابن القاسم عن مالك أنه سئل عن الذي ينقطع شسع نعله وهو في أرض حارة هل يمشي في الأخرى حتى يصلحها؟
قال:لا،ولكن ليخلعهما جميعا أو ليقف.
قال أبو عمر: هذا هو الصحيح من الفتوى وهو الصحيح في الأثر وعليه العلماء.التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (18/ 180)،الاستذكار (8/ 313)
وأما وقوف الشخص في نعل واحدة لإصلاح الأخرى فليس من قبيل المكروه.الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (2/ 315)
المذهب الحنبلي:
لا يمشي في نعل واحدة بلا حاجة ولو يسيرا سواء كان في إصلاح الأخرى أو لا. كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 284)
موقفنا من بعض السلف (علي وبن عمر) الذين روي عنهم المشي بالنعل الواحدة
أن يحمل على محملين:
الأول: إما أن يكون بلغهما النهي فحملاه على التنزيه.
الثاني:أو كان زمن فعلهما يسيرا بحيث يؤمن معه المحذور أو لم يبلغهما.
قال ابن عبد البر:وقد روي عن علي - رضي الله عنه - أنه مشى في النعل الواحدة وهذا يحتمل أن يكون يسيرا وهو يصلح الأخرى وأن يكون لم يبلغه ما رواه أبو هريرة وجابر فما من الصحابة إلا من غاب عنه بعض السنن وكانت عند غيره منهم،على أن حديث علي لا يثبت لأنه إنما يرويه زياد بن أبي يزيد عن رجل من مزينة عن علي أنه رآه يمشي في نعل واحدة وهو يصلح شسعه وكذلك رواية ليث عن نافع عن بن عمر مثله سواء وهو ليث بن أبي سليم ضعيف ليس بحجة. الاستذكار (8/ 313)،فتح الباري (10/ 310)
وقال أبوحَفْصٍ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ القرطبيّ:وقد رخص بعض السلف في المشي في نعل واحدة. وهو قولٌ مردودٌ بالنُّصوص المذكورة.المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (17/ 98)
عاشراً: النعال لباس المحرم.
الأحاديث الواردة:
1 - عن ابن عمر - رضى الله عنهما - أن رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يلبس المحرم من الثياب فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس».رواه البخاري (5/ 2184) رقم 5458،و مسلم (4/ 2) رقم 2848،واللفظ له
¥