مصالح العبادة وخاصة في أبواب المعاملات ويستدل بهذه النظرية
في السبر والتقسيم كثيرا، فإن القول بقصر الربا في الأصناف
الستة لا يمكن أن تأتي به الشريعة لو أخذنا طريقة ابن القيم
في التعليل، فهل يعقل أن يترابى الناس في الأوراق النقدية
بل في المعادن المختلفة ذات الثمنية كيف يشاءون ويحققون
الأرباح الطائلة، ويمنع أصحاب البر والملح من الترابي؟؟؟
إن نظرية تحريم الربا في شريعة الإسلام قائمة على درء المفاسد
المترتبة على جعل السلع ذات الأهمية محل مراباة مما يؤدي إلى
غبن أصحابها بالتفاضل بين تلك السلع في حين أن قيمتها متحدة
مما يؤدي إلى إيجاد نمط سعري أو تسعيري يتنافى مع القيمة
الحقيقية للسلعة مما يؤدي مع مرور الزمان إلى حصول انقلاب
في الموازين السعرية وتراكم الفوائد واختلال التسعير الطبيعي
للسلع، وهذا مع مرور الزمان يؤدي إلى كساد واختلال عام
في الأسواق، وإذا فهمنا علة تحريم الربا في الإسلام فإننا
نستطيع أن نوازن بين الأقوال ونرجح منها الموافق للدليل
بسهولة ..
وبناء عليه فإن القول بعدم ربوية ألأوراق النقدية قول باطل
يؤدي إلى مفاسد عظيمة تتناقض مع ما جاءت به الشريعة من
درء المفاسد وتقليلها، كما أن القول بعدم ربوية الأوراق
النقدية يؤد إلى اختلال واضح في التشريع الذي ينادى على
مصالح العباد، خاصة إذا اخذنا في الاعتبار أن الثنمية في
هذه الأعصار في الأوراق النقدية، وقيمتها الاعتبارية لا يمكن أن
تكون علة في نقض ثمنيتها الحقيقية، والنقاش في هذا ليس هنا
محله.
أما ما يترجح لي في موضوع بيع الذهب بالذهب مع دفع ثمن
الصياغة أو نسيئة، فالذي أميل إليه هو جواز دفع ثمن الصياغة
للعلة التي ذكره ابن القيمة، وهي انقلاب نوع الذهب المصوغ
سلعة لا نقدا معدا للتبادل والثمنية، وهذا يجعله في معنى
الصنف المختلف الذي يجوز بيعه متفاضلا والذي ألجأنا إلى القول
به هو الاحتياج والضرورة، فإن التعامل مع الذهب المصوغ على أنه
ثمنيا أي نقدا معدا للتبادل يؤدي إلى انسداد باب الاتجار في
الذهب المصوغ رأسا وهذا ما لا تأتي به الشريعة حتما،
أما بيع الذهب بالذهب نسيئة فأميل إلى تحريمه لكون الإذن بالتفاضل
لأجل الصياغة إنما كان للضرورة، وههنا لا يليق أن نفتح باب
الضرورة حيث لا ضرورة، وبيع الذهب المصوغ نسيئة لا يدخل في باب
الضرورات التي يتاج إليها الناس ويلتجئون إلى فعلها، بل إن
سد هذا الباب هو الموافق لمقاصد الشريعة في النداء بالتقليل من
تحصيل الذهب وكنزه، وبيع الذهب المصوغ نسيئة يؤدي إلى تسهيل
عملية بيعه وتناوله لكل الناس وهذا غير مقصود للشارع أصلا، بل
إن الشارع قصد إلى النهي عن الكنز وتجميع الذهب وتقليل حبه في
قلوب الناس ...
أما شراء الذهب المصوغ متفاضلا فهو متحتم لأجل وجود هذه التجارة
التي يحتاج إليها الناس.
ومهما يكن من شيء فإن الكلام في الذهب المصوغ أما الذهب المعد
للثمنية فلا يجوز التبادل والبيع والشراء فيه تفاضلا أو نسيئة لعدم
وجود علة الاختلاف في الصنف سببا في الجواز ..
والله أعلم.
ـ[المقرئ]ــــــــ[24 - 07 - 03, 07:02 م]ـ
لا شك أن القول الثاني أدلته قوية وفيها تيسير على المكلفين ولكن في نظري أن حديث فضالة لا مدفع له وفيه " لا حتة تميز بينهما قال فرده حتى ميز بينهما وفي لفظ لمسلم " فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " الذهب بالذهب وزنا بوزن " فالرسول لم يجعل للصنعة أثرا، والغريب العجيب أن توجيه الحديث من الشيخ فإنه ينقض طلامه السابق وذلك في كونه يقول إن القيمة التي من الذهب كانت أقل من الذهب الذي في القلادة وقد كان قرر أن الحلي المصنوع أصبح كالثياب وما ليس يجري فيه الربا هذا تناقض في نظري القاصر ثم إن العمل عند الصحابة على هذا فقصة معاوية في صحيح مسلم دليل على هذا حيث باع معاوية آنية من فضة - حلي مصنوع- ... فقال عبادة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب .... إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى " وفيه دليل من وجوه: حيث جعل الحكم في الحلي المصنوع وغيره لأنه استدل بهذا الدليل العام، وكذلك معاوية لم ينقض عليه الدليل فلم يقل له هذا في غير المصنوع ولا يمكن أن يقال أيضا إنه أنكر عليه من باب تحريم الآنية، وقد روى النسائي عن عطاء بن يسار أن معاوية باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها فقال أبو الدرداء سمعت رسول الله ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل ونهى عن ذلك ابن عمر كما عند البيهقي وكذلك أبوه رضي الله عنهم فكان إجماعا من الصحابة ولا مخالف، هذه أول مشاركاتي في المنتدى بله في كل المنتديات
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[24 - 07 - 03, 09:50 م]ـ
ما مانع من شراء الذهب بالورق فإن المنهي عنه هو شراء السلعة بمثلها. فسواء اشتريت الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة أو الشعير بالشعير، كل ذلك منهي عنه. أما أن تشتري الذهب بالفضة مثلا أو الشعير بالذهب فلا مانع منه.
وقضية شراء الحلي بالذهب نادر في عصرنا، إذ نحن نشتريه بالورق. وقد أخرج مسلم:
عن أبي بكرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا سواء بسواء وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا قال فسأله رجل فقال يدا بيد فقال هكذا سمعت
الأخ رضا
الشيخ سلمان لا يبدو أنه يتبنى وجهة نظر الظاهرية. وتأمل قوله "وإما أن تكون العلة كونه ذهباً أو فضة – وهي علة قاصرة ضعيفة – ... ".
الأخ المقرئ
لا يمكن القول بإجماع الصحابة إذا علمنا بمخالفة معاوية. أما القصة التي أخرجها النسائي فهي منقطعة وقد تقدم الكلام عليها.
¥