أثر هذا التشبيه فى الدعوة إلى الله: معرفة تفاضل أهل الإيمان فى الدرجات بحسب أعمالهم، فيستزيد المؤمن من الأعمال الصالحة لأنه يرى أن الأسلوب المستخدم لتقريب هذه الحقيقة إلى ذهنه هو تشبيه سرعة نجاة ونضارة المؤمن بالريحانة سريعة النبات ونضرة الشكل التى يراها ويشاهدها محسوسة فى حياته، فيقِرُّ فى نفسه أن يكون مثلها فيبادر إلى الاستزادة من الأعمال الصالحات.
الحديث السادس:
روى الإمام البخارى فى صحيحه عن أنس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يخرج من النار من قال لاإله إلا الله وفى قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لاإله إلا الله وفى قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لاإله إلا الله وفى قلبه وزن ذرة من خير)
المشبَّه: تفاضل أهل الإيمان فى الأعمال المشبه به: تفاضل وزن الشعير والبر والذرة. وجه الشبه: اختلاف المقدار.
أثر هذا التشبيه فى الدعوة إلى الله: الإسراع إلى التزود من الأعمال الصالحة؛ لأن الأسلوب المستخدم للحض على ذلك هو التشبيه عن طريق وسائل محسوسة يشاهد الناس تفاضلها فى حياتهم اليومية.
الحديث السابع:
روى الإمام البخارى فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اتبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أُحُد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط)
المشبَّه: فضل اتباع الجنائز والصلاة عليها ودفنها المشبه به: القيراط والقيراطان الواحد منهما مثل جبل أحد وجه الشبه: ضخامة العمل والأجر.
أثر هذا التشبيه فى الدعوة إلى الله: الحرص على اتباع جنائز المسلمين وحضور الصلاة عليها ودفنها؛ لأن الأسلوب المستخدم فى الترغيب فى هذا العمل هو تشبيهه بمواد محسوسة عند المخاطبين يعرفون تفاضلها، ونفس الإنسان السليم تهفو إلى الأفضل والأحسن، فيسهل اقتناعهم بفضل المشبه.
الحديث الثامن:
روى الإمام البخارى فى صحيحه عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الشجر شجرة لايسقط ورقها، وإنها مَثَل المسلم، فحدِّثونى ماهى؟ فوقع الناس فى شجر البوادى. قال عبدالله: ووقع فى نفسى أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ماهى يارسول الله؟ قال: هى النخلة - وفى رواية فحدثت أبى بماوقع فى نفسى فقال: لأن تكون قلتها أحب إلىّ من كذا وكذا)
المشبَّه الأول: المسلم المشبه به: النخلة وجه الشبه: البركة وعموم النفع.
قال ابن حجر رحمه الله: (بركة النخلة موجودة فى جميع أجزائها، مستمرة فى جميع أحوالها فمن حين تطلع إلى أن تيبس تؤكل أنواعاً، ثم بعد ذلك ينتفع بجميع أجزائها، حتى النوى فى علف الدواب والليف فى الحبال وغير ذلك مما لايخفى، وكذلك بركة المسلم عامة فى جميع الأحوال ونفعه مستمر له ولغيره حتى بعد موته ... ثم قال: وفيه إشارة إلى أن تشبيه الشىء بالشىء لايلزم أن يكون نظيره من جميع وجوهه فإن المؤمن لايماثله شىء من الجمادات ولايعادله) وهنا محل كلام يرد على كلام الإمام ابن حجر رحمه الله تعالى فيقال: هل النخلة من الجمادات؟
وفى رواية عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من يخبرنى عن شجرة مثلها مثل المؤمن أصلها ثابت وفرعها فى السماء؟ فذكر الحديث.
المشبَّه الثانى: أصل دين المسلم ونفع عمله المشبه به: أصل النخلة ونفعها وجه الشبه: رسوخ الأصل وطيب الثمرة.
قال القرطبى رحمه الله: (فوقع التشبيه بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ثابت، وأن مايصدر عنه من العلوم والخير قوت للأرواح مستطاب)
أثر هذا التشبيه فى الدعوة إلى الله: معرفة فضل المؤمن وبركته عن طريق تشبيهه ببركة النخلة التى يتلذذ بمنافعها الناس فى حياتهم اليومية.
الحديث التاسع:
¥