- أن يكون الكلام في حدود الموضوع المطروح، وعدم الدخول في موضوعات أخرى.
- عدم المبالغة في رفع الصوت، لأن فيه نوع إساءة وليس من دلائل قوة الحجة المبالغة في رفع الصوت في النقاش والحوار.
- ترك أساليب الاستهزاء و التنقص للمحاور بالكلام أو الإشارة لأن ذلك يوغر صدره وينقل الحديث من الكلام على الموضوعات و القضايا إلى التنقص للذوات والأشخاص. وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحِّشًا، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا. (). وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم - "ليس المؤمن بالطعَّان، ولا اللعَّان، ولا الفاحش، ولا البذيء" (). وفي صفة المؤمنين (و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما). (الفرقان: آية: 63)، قال الحسن البصري: (إن جهل عليهم جاهل حلموا و لم يجهلوا). ()
ثم إن الحوار الإيجابي هو الحوار الموضوعي الذي يرى الحسنات والسلبيات في ذات الوقت، ويرى العقبات ويرى أيضا إمكانيات التغلب عليها، وهو الحوار المتكافئ الذي يعطى لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي ويحترم الرأي الآخر ويعرف حتمية الخلاف في الرأي بين البشر.
يقول بعضهم:عن الحوار الإيجابي: (هو حوار واقعي يتصل إيجابيا بالحياة اليومية الواقعية واتصاله هذا ليس اتصال قبول ورضوخ للأمر الواقع بل اتصال تفهم وتغيير وإصلاح وهو حوار موافقة حين تكون الموافقة هي الصواب ومخالفة حين تكون المخالفة هي الصواب فالهدف النهائي له هو إثبات الحقيقة حيث هي لا حيث نراها بأهوائنا وهو فوق كل هذا حوار تسوده المحبة والمسئولية والرعاية وإنكار الذات). ()
ويقال عن غايات الحوار "للحوار غايتان اِحداهما قريبة والأخرى بعيدة. أما غاية الحوار القريبة والتي تطلب لذاتها دون اعتبار آخر فهي محاولة فهم الآخرين. وأما الغاية البعيدة فهي إقناع الآخرين بوجهة نظر معينة. إن هذه الآداب وغيرها محفزات للتفاهم، وعدم رعايتها ربما يحفز في الطرف الآخر وتيرة الغضب فيثأر لكرامته أو لحقّه الذي أحس باهتضامه -ولو في نظره-.
المطلب الرابع: إباحة الجدال وذم المراء و الخصومة في الشرع لخلوهما من آداب الحوار.
الخلاف بين الخلق لا يمكن رفعه فهو فطرة وواقع موجود في كل زمان – وبكثرة - قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا. ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم فيما أتاكم. فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} (سورة المائدة، الآية 48). و {الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون} (سورة آل عمران، الآية 141). و {لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} (سورة هود، الآية 118).
والجدال في القرآن بين الأنبياء و أقوامهم كثير وهو جدال لا مراء فالله تعالى يقول: {لكل وجهة هو موليها} (سورة البقرة، الآية 148). في إشارة واضحة إلى تعدد التوجهات يقول أيضاً: {وما بعضهم بتابع قبلة بعض} (سورة البقرة، الآية 145). {إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} (سورة سبأ، الآية 24)
لقد تنزل الرسول صلى الله عليه وسلم في الحوار إلى مستوى من يحاور تاركاً الحكم لله تعالى.
وقال تعالى آمرا بمراعاة اللين في المخاطبة و المحاورة مع ظالم متجبر: {اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري* اذهبا إلى فرعون انه طغى* فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى}. (سورة طه، الآيات 44،43،42). فعلَّل اللين بأنه أدعى للتذكر والخشية.وأمر بإتباع الحكمة في الدعوة: {ومن أحسنُ قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالّتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} (سورة فصلت، الآيتان 33 - 34).
{ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدواً بغير علم} (سورة الانعام، الآية 108).حتى إن قوم نوح قالوا له: (يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [هود:32]، فأكثر جدالهم حتى تبرَّموا من كثرة جداله لهم، والجدال نوع من الحوار.
¥