تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال تعالى (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [العنكبوت:46.

- وقال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125.] وأخبر تعالى عن مجادلة خليله إبراهيم للمرسلين، شفقة منه عليه السلام على قوم لوط: قال تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبراهيم الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ) [هود:74 (.

وأما المناظرة و المحاورة في مسائل الفقه المختلف فيها وفي أصول الفقه وفي معاني كلام العرب والنحو والبلاغة وغير ذلك من العلوم المفيدة، لا شك أن المناظرة فيها بين المختلِفِين، أمر مفيد يلقِّح الأفهام وينبِّه على دقائق المعاني ويساعد في تقوية البديهة، ولذا تناظر العلماء من السلف والخلف في الخلوات والمجامع، وقرعوا الحجة بالحجة، والفكرة بالفكرة، وتذاكروا كذلك في الحديث وتناظروا في الأسانيد وحملتها والمتون ونقلتها، ورأوا أن ذلك أدعى لحفظ العلم، ومعرفة الصواب، وفي كتب التراجم أخبار عن ذلك مفيدة وفي كتب الفروع الفقهية وكتب الخلاف بين المذاهب والمطولات من كتب الأصول الفقهية والرحلات ومجالس العلماء وأخبارهم نفائس مذكورة، وفي كتب المنوعات والمجاميع ككتاب الفنون لابن عقيل، شذرات حسنة.

وقد اعتنى بالمذاكرة الحفاظ من المحدثين وكان يقع في مذاكراتهم مناظرات في الرجال وفي تعليل الروايات ... ، فالمناظرة فن حسن له آداب ومنافع .... وأما جدال الكفار والملحدين فجائز بالتي هي أحسن: ? ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ? (العنكبوت - 46)، وكما قال تعالى ? وجادلهم بالتي هي أحسن ?، (النحل - 125)، بل هو باب من أبواب الدعوة إلى الله عندما تتوفر الدواعي وتنتفي الموانع.

وأما أن يَتصدَّرَ لمجادلة الملحِدين في الملأ من تَقِلُّ معرفته أو يضعُف بيانُه عند اللَّجاج و كثرة الحجاج،فهذه مخاطرة تؤدِّي لإضعاف الحق لضعف العلم و البيان، فكيف إذا كان ما يلقيه، الخصم شبهة تَدِق، فتحتاج إذ ذاك لمن يزيِّفها لا لمن يعنِّفها فقط.

غُمُوض الحق حين تذِب عنه ******* يقلِّل ناصر الخصم المحق

تَجِل عن الدقيق عقول قوم ****** فتحكم للمُجِل على المُدِق

فباب المخاطرة باب يغلقه العقلاء، ويمنع منه الشرع وإن قيل إنه يمكن تلافيه فيما بعد.

توقِّ الداء خير من تصدٍّ ********* لأيسرِهِ وإن قرُبَ الطبيبُ

ولهذا فما يوجد من تصدي بعض وسائل الإعلام لنقل المناظرات التي يكون فيها من ينصر الكفر أو يدعو إلى غير الإسلام لا يكون حسنا ولا مقبولا إلا إذا كان من يناظر من المسلمين معروفا بقوة العارضة وحسن الفهم وحضور البديهة مع التوغل في العلم.

وهكذا فكل مناضلة عن حق أو مناظرة لباطل أو مبطِل أو مخالف لا بد أن تكون متكافأة فمتى اختار المعِدُّ للمناظرة أو للبرنامج متناظرين أحدهما دون الآخر في الفهم والعلم وسرعة البديهة مع وجود من هو أقدر منه من أهل مذهبه فلم يعدل ولم ينصف.

وكذا لو انحاز إلى أحدهما بأن مكنه من الكلام أكثر من الآخر أو أكثر من مقاطعة أحدهما دون صاحبه فقد أثر على المناظرة بمؤثر لا يجوز. ومن ذلك أن يكون بيده مداولة الكلام بينهما فيعطي لأحدهما وقتا أكثر من الآخر على حساب إيضاح الآخر لحجته وبيانه لوجهته.

وقد ورد الذم للمراء و للخصومات في السنة لما ينتج عنها من فساد ذات البين و ما يكون فيها من البغي و الظلم فما ورد في ذلك.

ففي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَبْغَض الرِّجَال إِلَى اللَّه الْأَلَدّ الْخَصِم " (). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (كَثْرَة الْمُخَاصَمَة تُفْضِي غَالِبًا إِلَى مَا يُذَمّ صَاحِبه أَوْ يُخَصّ فِي حَقّ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِل وَيَشْهَد لِلْأَوَّلِ حَدِيث " كَفِي بِك إِثْمًا أَنْ لَا تَزَال مُخَاصِمًا " أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيف وَوَرَدَ التَّرْغِيب فِي تَرْك الْمُخَاصَمَة , فَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق سُلَيْمَان بْن حَبِيب عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ " أَنَا زَعِيم بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّة لِمَنْ تَرَكَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير