الْمِرَاء وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا () " وَلَهُ شَاهِد عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث مُعَاذ بْن جَبَل " وَالرَّبَض " بِفَتْحِ الرَّاء وَالْمُوَحَّدَة بَعْدَهَا ضَاد مُعْجَمَة " الْأَسْفَل ").اهـ.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِيَ لَهُ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا). قال الترمذي رحمه الله: وَهَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. () ورواه ابن ماجه. () وفي سنده ضعف فيه سلمة بن وردان ضعيف ().
المطلب الخامس: موجز في أهم المصالح المترتِّبة على مراعاة آداب الحوار.
مراعاة المتحاورين لآداب الحوار تحقق المصالح المتوخاة من الحوار و الجدال بالحكمة ومتى خلا الحوار من مراعاة هذه الآداب و الحقوق فسيقع بسببه من الأضرار بحسب ما نقص من آداب الحوار، وذلك لأن الله تعالى خلق في طبيعة الإنسان الانتفاع بالكلام الحكيم إذا سيق على وجه نافع مفيد و بالحكمة.
ومتى ما أردنا تحقيق المصالح المترتبة على الحوار فلا مناص لنا من الأخذ بآداب الحوار. ومن المصالح المهمة التي تترتب على مراعاة آداب الحوار ما يلي:
- إشاعة روح المحبة و تقوية أواصر الأخوة ومراعاة الحقوق التي تجب للمسلمين على بعضهم وذلك لأن الذين يراعون آداب الحوار و أخلاقه لا تفسد موادتهم و إن اختلف آرائهم و توجهاتهم، لأنهم بمراعاتهم لآداب الحوار يتفهم كل منهم وجهة نظر الآخر فلا يشدِّد عليه حين يخالفه في فهم أو في ترجيح بل يُبقِي الحوارُ الحكيم الطُّرُق و الأبواب مفتوحة لقضاء الحقوق الواجبة وتحقيق الألفة الإيمانية.
- أن ذلك يقوِّي الأُمة لأنه يفتح أبواب التعاون أكثر فأكثر فتعانق الفكرةُ الفكرةَ ويسدد الرأي الرأي، لأن مراعاة آداب الحوار يمنع من الاستبداد بالآراء كما ينبِّه على وجه الصواب و الخطأ.
- أن مراعاة آداب الحوار تحفظ أوقات المتحاورين وتبعدهم عن المراء المذموم واللَّجاج الذي لا فائدة منه. عنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ من علماء التابعين:قَالَ: قَالَ:سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام لابْنِهِ: (دَعْ الْمِرَاءَ فَإِنَّ نَفْعَهُ قَلِيلٌ وَهُوَ يُهَيِّجُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ الْإِخْوَانِ). رواه الدارمي. ()
- أن مراعاة آداب الحوار من المتحاورين تجعلهم أبعد عن انتشار العداواة والضغائن لأن مراعاة آداب الحوار يفسح المجال لإبدء الرأي، و يمنع من تحقير الغير و لقد كان من أسباب العداواة و البغضاء بين الأمم السابقة ثم بين هذه الأمة وبين بعضها ما أثاره كثرة الجدال و الخصومات بغير حكمة، قال تعالى: ? فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء ? (المائدة - 14) قال إبراهيم النخعي رحمه الله: (الخصومات والجدال في الدين) اهـ. ()
- أن مراعاة آداب الحوار من المتحاورين تفسح المجال لفهم الآخر فهم جيدا غير مغلوط، وذلك في غاية الأهمية لبناء العلاقات المفيدة.
- أن مراعاة آداب الحوار من المتحاورين تمكن من إقناع المخطئين بخطئهم فيرجعون عنه أو يرجع بعضهم و يقل التأثر بأخطائهم.
- أن مراعاة آداب الحوار من المتحاورين تفيدهما جميعا علما جديدا أو رأيا سديدا يضاف لمعارفهم وعلومهم و خبراتهم.
- أن مراعاة آداب الحوار من المتحاورين، تبعدهما عن الأخلاق الذميمة كالاستهزاء بالغير و لو كان مخطأ فإن الاستهزاء لا خير فيه. إذ ليس من صفات أهل الإيمان أن يأمنوا مكر الله أو يسخروا بعباده الضالين، فإن الذي أضلهم بعدله، قادر سبحانه أن يضل من يهزأ بهم، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (لو سخرت من كلب لخشيت أن يجعلني الله كلبا) اهـ. . رواه ابن أبي شيبة في المصنف في كتاب الأدب 6/ 115 من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله به ومراسيل إبراهيم عن عبد الله بن مسعود صحاح. ورواه ابن المبارك في الزهد من طريق الأعمش عن أصحابه عن عبد الله بن مسعود (برقم (741)، 256 - 257) وزاد فيه: (وإني لأكره أن أرى الرجل فارغا ليس في عمل
¥