أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" (3/ 221) قال: حدثنا أبو أحمد محمد القاضي: ثنا إبراهيم بن زهير: ثنا مكي بن إبراهيم: ثنا هاشم بن هاشم، عن عمر بن إبراهيم، عن محمد بن كعب، عن المغيرة ابن شعبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة؛ ما بينه وبين أن يدخل الجنة إلا أن يموت، فإذا مات دخل الجنة)، هذا حديث غريب من حديث المغيرة، تفرد به هاشم بن هاشم، عن عمر عنه، ما كتبناه عاليا إلا من حديث مكي ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، غير عمر بن إبراهيم.
وعمر هذا ترجمه البخاري في " التاريخ الكبير " (6/ 141/1958) " فقال: " عمر بن إبراهيم بن محمد بن الأسود عن محمد بن كعب القرظي عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون إلى يوم القيامة في أمته، قاله مكي عن هاشم بن هاشم ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذا فعل ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6/ 98/508)
وأسند حديث المغيرة (خطب النبي .. .. ) العقيلي في " الضعفاء " (3/ 145/1129) في ترجمة " عمر بن إبراهيم "، عن البخاري، عن مكي … بإسناده، ثم قال: " لا يتابع على حديثه .. .. أما المتن فقد روي بغير هذا الإسناد بأسانيد جياد ".
قلت: قد ذكره ابن حبان في "الثقات" (7/ 169/9503)، فمثله لا بأس به في الشواهد، وهو شاهد جيد لما رواه الطبراني من حديث إبراهيم بن العلاء ابن زبريق السالف الذكر، والله أعلم.
(4) وأما حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-
فأخرجه أبو أحمد ابن عدي في " الكامل في الضعفاء" (2/ 170/357) في ترجمة " جسر بن الحسن الكوفي "، قال:
حدثناه معاوية بن العباس الحمصي، والحسين بن إسماعيل الرملي، قال: ثنا عمران بن بكار: ثنا عبد السلام بن محمد الحضرمي: ثنا بقية، عن الأوزاعي، عن جسر بن الحسن، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود () قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، فمات؛ دخل الجنة) قال الشيخ: وجسر بن الحسن لا أعرف له إلا ما ذكرت، وزيادة حديثين، أو ثلاثة. وليس ما ذكرت بالمنكر لأن .. .. فليس لمقدار ماله من الحديث فيه المنكر، وهذا الحديث لا أعلم رواه عن جسر غير الأوزاعي، وإنما عرف جسر بالأوزاعي حين روى عنه، ولا أعرف لجسر هذا كثير رواية ".
وأورده أيضا الذهبي في ترجمته من "الميزان" (2/ 132/1481).
قلت: وهذا إسناد ضعيف، له علتان:
الأولى: بقية بن الوليد الحمصي ()، وفيه مقال مشهور، ومع ذلك فهو يدلس تدليس التسوية، وهو شر التدليس، ولم يصرح بالتدليس في باقي طبقات السند.
وقد قال أبو مسهر: أحاديث بقية ليست نقية؛ فكن منها على تقية. وقال الذهبي في ترجمته (2/ 45/1252) بعدما أسهب فيها: " قال أبو الحسن ابن القطان: بقية يدلس عن الضعفاء، ويستبيح ذلك؛ وهذا – إن صح – مفسد لعدالته.
قلت: نعم والله صح هذا عنه، إنه يفعله، وصح عن الوليد بن مسلم، بل، وعن جماعة كبار - وهذه بلية منهم؛ ولكنهم فعلوا ذلك باجتهاد، وما جوزوا على ذلك الشخص الذي يسقطون ذكره بالتدليس، إنه تعمد الكذب. هذا أمثل ما يعتذر به عنهم … "
الثاني: جسر بن الحسن.
وقد ترجمه البخاري في "التاريخ الكبير" (2/ 245/2342)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال النسائي: " ضعيف "، وقال الجوزجاني: " واهي الحديث "، وقال الدارقطني: " ليس بالقوي "
في حين قال أبو حاتم: " لا أرى بحديثه بأسا"، وقال ابن حبان: " صدوق ".
وأظن أن الحري بالقبول هو قول أبي حاتم الرازي، وقول ابن حبان، فأما النسائي فمتعنت جداً في الرجال – كما هو مشهور –؛ ثم إن قوله: "ضعيف "، ليس جرحا مفسرا؛ إذ لم يبين سبب الضعف، فلا يعارض توثيق من وثقه.
وأما الجوزجاني؛ فمعروف بتهويله في ألفاظ الجرح، ومثله لا يعارض بقوله قول أبي حاتم.
ولم يبق إلا قول أبي الحسن الدارقطني: " ليس بالقوي "، وهو عند إمعان النظر فيه لا يتعارض مع قول من وثقه؛ فإنه يفيد أن فيه نوع قوة، ولكنه ليس بالقوي المعتبر، بخلاف " ليس بقوي "، فهذا ينفي عنه كل قوة، والله أعلم.
¥