ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[17 - 09 - 05, 12:28 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
أخي الكريم ..
أولاً: عبارتك هذه عويصةٌ جدًا، غير واضحة: "فكما أنه لا يشترط في زيادة الثقة ألا تقبل زيادته إلا إذا أخطأ من هو أوثق منه"!
ثانيًا: قلتَ: "فزيادة الثقة مقبولة ما لم يخالف من هو أوثق منه؛ و المخالفة التي أقصد هي التي لا يمكن الجمع بينها و بين ما روى من هو أوثق منه".
أقول: بيّن الإخوةُ أن أحد عشر رجلاً فيهم أوثق، وكفى بكثرتهم، رووا الحديث ولم يذكروا لفظ التحريك، فهل تعتبر هذا موافقة لزائدة؟
قلتَ: "و هذا التعريف من الإمام الشافعي -رحمه الله- هو الأضبط".
أقول: دعني أنقل لك تعريف الشافعي من كتابه هو، دون أن يزيد عليه أحد:
قال الشافعي في الرسالة: "ويكون إذا شَرِك أحداً من الحفاظ في حديث لم يخالفه، فإن خالفه - وُجد حديثه أنقصَ - كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه".
فالشافعي قال: إن الأصل أن لا يخالف الثقةُ الثقات، فإن خالف ثقةً، بأن وجد حديثُهُ أنقصَ - أي: ليس فيه عبارات قالها غيره -، كان ذلك دليلاً على أن قول الذي نقص هو الأصح.
قال ابن عبد الهادي: "فإنه [أي: الشافعي] اعتبر أن يكون حديث هذا المخالف أنقص من حديث من خالفه، ولم يعتبر المخالف بالزيادة، وجعل نقصان هذا الراوي دليلاً على صحة مخرج حديثه" ا. هـ (الصارم المنكي، ص100).
ولعلك لاحظت أنه لم يذكر مخالفة، ولا غيرها.
وهذا منطبق على زائدة، بل كان يكفي لتطبيق كلام الشافعي أن يخالف زائدةَ رجلٌ واحد، لا أحد عشر.
وتأمل هذا القولَ لابن حجر فإنه محرَّر من إمامٍ عارفٍ، وكأنه يتكلم عن حديثنا هذا، قال: "إذا روى الحديث جماعةٌ من الحفاظ الأثبات العارفين بحديث ذلك الشيخ، وانفرد دونهم بعضُ رواتِهِ [أي: ذلك الحديث] بزيادةٍ، فإنها لو كانت محفوظةً لما غفل الجمهور من رواتِهِ [أي: الحديث] عنها. فتَفَرُّدُ واحدٍ عنه [أي: عن الشيخ] بها دونهم مع توافر دواعيهم على الأخذ عنه وجمع حديثه، يقتضي ريبةً توجب التوقف عنها" ا. هـ (النكت: 2/ 692).
ثم قلتَ: "قولكم: لا يلزم في الحديث الشاذ المخالفة. و هذا من وجهة نظري كلام غير منضبط لأن ذلك يعني الحكم على الأحاديث التي تفرد بها الثقات بالشذوذ! ".
أقول: قال ابن حجر: "واحتج من قبل الزيادة من الثقة بأن الراوي إذا كان ثقة وانفرد بالحديث من أصله كان مقبولاً، فكذلك انفراده بالزيادة [وهذا ما تقوله أخي الكريم].
وهو احتجاج مردود، لأنه ليس كل حديث تفرَّد به أيُّ ثقةٍ كانَ؛ يكون مقبولاً كما سبق بيانه في نوع الشاذ.
ثم إن الفرق بين تفرُّدِ الراوي بالحديث من أصله وبين تفرده بالزيادة ظاهر، لأن تفرده بالحديث لا يلزم منه تطرق السهو والغفلة إلى غيره من الثقات، إذ لا مخالفة في روايته، بخلاف تفرده بالزيادة إذا لم يروها من هو أتقن منه حفظاً وأكثر عدداً، فالظن غالب بترجيح روايتهم على روايته" ا. هـ (النكت: 2/ 690، 691).
أما عدم المخالفة، فأئمة الحديث لم يشترطوها، وقد نقلتُ قبلُ قول الشافعي، وتعليق ابن عبد الهادي عليه.
وقد قال السلمي: وسئل [أي: الدارقطني] عن الحديث إذا اختلف فيه الثقات، مثل أن يروي الثوري حديثًا ويخالفه فيه مالك، والطريق إلى كل واحد منهما صحيح، قال: "ينظر ما اجتمع عليه ثقتان يحكم بصحته، أو ما جاء بلفظه زائدة، فتقبل تلك الزيادة من متقنٍ، ويحكم لأكثرهم حفظًا وثبتًا على من دونه"، فلم يشترط أيَّ مخالفة، بل قال: تقبل الزيادة من الثقة المتقن، ثم استدرك بأنه يحكم للأكثر حفظًا وثبتًا - أي ترجح روايته - على من دونه - أي: في الحفظ والثبت -، ولم يذكر أنه تقبل زيادته إذا لم تتضمن مخالفة للأحفظ والأثبت.
وكفاك بالإمام ابن خزيمة الذي أعلَّ نفس زيادتنا هذه، قال: " ليس في شيء من الأخبار يحركها إلا في هذا الخبر، زائدة ذكره"، ولم يقل: إنها زيادة ليست مخالفة، أو شيئًا من هذا القبيل.
وأنت قلتَ أخي الكريم: "فزيادة الثقة تقبل ما لم يخالف من هو أوثق منهم"، وأنا أستغرب: رجلٌ ذكر كلمةً، ورجال لم يذكروها، هل هذه موافقة لبعضهم أو مخالفة؟
¥