أما الفرق بين التحريك والإشارة، فواضح - رغم أنه لا يلزم هنا، فالمنهج الصحيح يقتضي ضعف اللفظة ولو كان معناهما واحدًا -، فإن التحريك إشارة مع رفع وخفض، أما الإشارة وحدها؛ فيثبت بها الأصبع.
ـ[أبو عامر خالد]ــــــــ[20 - 09 - 05, 10:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم محمد
السلام عليكم و رحمة الله
أما بعد،
ففي معرض كلامنا عن تفرد زائدة بن قدامة بلفظة يحركها، أقول و بالله التوفيق:
قولك- بارك الله فيك- (بين الإخوة أحد عشر رجلاً .... و كفى بكثرتهم) وهذا إصرارا منك على ترجيح رواية على أخرى؛ و لا يصار لمثله هنا للأسباب التالية:
أولا: أنه لا تنافي و لا تعارض بين الروايتين
ثانياً: لو سلمنا بتعارض الروايتين فالجمع ممكن.
أما ما نقلت عن ابن خزيمة من إعلاله لهذه الزيادة حيث قال: ليس في شيء من الأخبار يحركها إلا في هذا الخبر زائدة نقله) ثم علقت على ذلك قائلاً: و لم يقل (أي ابن خزيمة) إنها زيادة ليست مخالفة أو شيئا من هذا القبيل.
أقول:
أولا: كلام ابن خزيمة أعلاه ليس فيه تصريح على أن هذه الزيادة شاذة.
ثانيا: إن أقصى ما يقال في (عبارة ابن خزيمة) أنه تنبيه على تفرد زائدة بهذه الزيادة، و لا يلزم منها الإعلال بالشذوذ.
ثالثا: إن ابن خزيمة أخرج هذه الزيادة في صحيحه و عقد لها بابا أسماه: باب صفة وضع اليدين على الركبتين في التشهد و تحريك السبابة. فتنبه!
أما نقلته عن ابن عبد الهادي – رحمه الله – فالأصل فيه كما قال (في الصارم المنكي ص100): و هذا دليل من الشافعي على أن زيادة الثقة عنده لا يلزم أن تكون مقبولة مطلقا. و أنا لا أقول أن الزيادة تقبل مطلقاً بل هنالك قيود لقبول زيادة الثقة (سآتي عليها في معرض تعريفها) فلا خلاف هنا!
أما كلام ابن حجر- رحمه الله – في النكت (ج2/ 692) (إذا روى الحديث جماعة من الرواة من الحفاظ الأثبات العارفين بحديث ذلك الشيخ و انفرد دونهم بعض رواته بزيادة فإنها لو كانت محفوظة لما غفل الجمهور من رواته عنا فتفرد واحد عنه بها دونهم مع توافر دواعيهم على الأخذ عنه و جمع حديثه،يقتضي ريبة توجب التوقف عنها).
و هذا لا يصلح دليلاً هنا للحكم على زيادة يحركها بالشذوذ للأسباب التالية:
أولا: إن زائدة من الثقات الأثبات المتحرين في الرواية عن شيوخهم:
قال ابن حبان: الثقات (ج6:ص340):وكان من الحفاظ المتقنين وكان لا يعد السماع حتى يسمعه ثلاث مرات وكان لا يحدث أحدا حتى يشهد عنده عدل أنه من أهل السنة.
نقل الحافظ ابن حجر (تهذيب التهذيب ج3/ 264) عن أحمد قوله (المتثبتون في الحديث أربعة و عد زائدة منهم،و قال أيضا: إذا سمعت الحديث عن زائدة و زهير فلا تبالي أن لا تسمعه من غيرهما) و قال عنه في التقريب (ج1/ 213): ثقة ثبت صاحب سنة
وقال الذهبي عنه في التذكرة (ج1/ 215): زائدة بن قدامة الأمام الحجة. و في الكاشف (ج1/ 400): ثقة حجة.
ثانيا: قال الحافظ (يقتضي ريبة توجب التوقف عنها).و لم يقل (يقتضي ريبة توجب شذوذها أو ردها).فالتوقف في الحكم على رواية ليس كردها و إسقاطها. و معنى التوقف عند ابن حجر – رحمه الله – كما قال في نزهة النظر: [ص 39] (فصار ما ظاهره التعارض واقعاً على هذا الترتيب الجمع إن أمكن فاعتبار الناسخ و المنسوخ فالترجيح إن تعين ثم التوقف عن العمل بأحد الحديثين و التعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط، لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر إنما هو بالنسبة للمعتبر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه.
أما فيما يخض زيادة الثقة:
و هو مدار البحث فقد قال الحافظ في النزهة [ص 39]: راويهما أي الصحيح و الحسن (مقبوله ما لم تقع منافية لـ) رواية (من هو أوثق منه) ممن لم يذكر الزيادة.لأن الزيادة إما أن تكون لا تنافي بينها و بين رواية من لم يذكرها
فهذه تقبل مطلقا، لأنها في حكم الحديث المستقل الذي ينفرد به الثقة و لا يرويه عن شيخه غيره. [قلت و زيادة يحركها من هذا القبيل]. ثم قال: (و إما أن تكون منافية بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى فهذه التي يقع الترجيح بينها و بين معارضها ... ) تأمل هذا الكلام الأخير. و هل يلزم من قبول زيادة يحركها رد الرواية الأخرى؟
¥