تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي موضع آخر من كتابه: العواصم والقواصم ــ 3/ 170: 172 ذكر حديث افتراق الأمة مع هذه الزيادة وقال: في سنده ناصبي فلم يصح عنه (لعله يقصد أزهر بن عبد الله الحرازي في رواية أبي داود والحاكم لحديث معاوية بن أبي سفيان). وذكر رواية الترمذي عن عبد الله بن عمرو، وروايتي ابن ماجه عن عوف بن مالك، وعن أنس، ثم قال: وليس فيها شيء على شرط الصحيح ولذلك لم يخرج الشيخان شيئا منها، وصحح الترمذي منها حديث أبي هريرة من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، وليس فيه «كلها في النار إلا فرقة واحدة». وعن ابن حزم أن هذه الزيادة موضوعة. ذكر ذلك صاحب البدر المنير.

أقول: الذي عزاه ابن الوزير لابن حزم أصله ما صرح به في كتاب الإيمان من الفصل في الملل والأهواء والنحل ــ 3/ 138 .. حيث قال: ذكروا حديثا عن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ أن «القدرية والمرجئة مجوس هذه الأمة». وحديثا آخر: «تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة كلها في النار حاشا واحدة فهي في الجنة». قال أبو محمد: هذان حديثان لا يصحان أصلا من طريق الإسناد، وما كان كذلك فليس بحجة عند من يقول بخبر الواحد، فكيف من لا يقول به.

وقد عَرَّضَ الشيخ محمد زاهد الكوثري بانتقاد موقف ابن حزم الذي يستدل لرأيه في إبطال القياس بإحدى روايات حديث افتراق الأمة على بضع وسبعين فرقة « ... أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ... »، مع أنها رواية ساقطة من وجوه عند جماعة أهل العلم بالحديث من المشارقة والمغاربة؛ على حين لا يتوقف في الحكم بعدم صحة رواية أبي داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة بدون زيادة «ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة»، ورواية أبي داود والحاكم بهذه الزيادة. ثم عمد الكوثري إلى بيان وجه ابن حزم في حكمه على روايات الحديث بتلك الزيادة وبدونها، بأن رواية أبي هريرة عند الترمذي وغيره من طريق محمد ابن عمرو بن علقمة الليثي، وهو لا يحتج بحديثه إذا لم يتابع، وقد أخرج له الشيخان في المتابعات فقط. وأما الحديث المشتمل على الزيادة؛ فقال الكوثري: «في بعض أسانيده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وفي بعضها كثير بن عبد الله، وفي بعضها عباد بن يوسف، وراشد بن سعد، وفي بعضها الوليد بن مسلم، وفي بعضها مجاهيل، كما يظهر من كتب الحديث، ومن تخريج الحافظ الزيلعي لأحاديث الكشاف، وهو أوسع من تكلم في طرق هذا الحديث ــ فيما أعلم. وابن حزم لا يرى جبر الضعيف بتعدد الطرق». عن تقديم الكوثري لكتاب التبصير في الدين لأبي المظفر الإسفراييني. وانظر: مقدمات الشيخ الكوثري ــ ص 114.

وأما كتاب الحافظ زين الدين أبي حفص عمر بن بدر الموصلي (المطبوع بتعليق الشيخ محمد الخضر حسين ــ القاهرة 1342هـ) الذي عظَّم ابن الوزير شأنه وشأن اختصاره لابن النحوي الشافعي؛ فهو مُلخصٌ من موضوعات ابن الجوزي. وللعلماء عليه وعلى أصله مؤاخذات وتنقيدات، وقد تعقبه السيد حسام الدين القدسي فيما جمعه في كتابه: انتقاد المغني عن الحفظ والكتاب بقولهم: لم يصح شيء من الأحاديث في هذا الباب (المطبوع بتقديم من مجموع أجوبة للشيخ الكوثري. ط مطبعة الترقي ــ دمشق، سوريا 1343هـ ــ 1925م). وقد نقد الشيخ الكوثري في أجوبته للسيد حسام الدين منهج الحافظ زين الدين بن بدر في فحصه لكتب السنن، وتصفحه لما كتبه النقاد في الضعفاء والكذابين، وما دُوّنَ في الموضوع من الأحاديث؛ بغرض انتقاء ما قيل فيه: لم يرد في هذا الباب شيء ونحوه، ووَصفَهُ بأنه سعي غير منتج، وعناء بلا غناء. ثم قال: «ولقد يغتر بفعله البسطاء؛ فينفون أحاديث ثابتة، فيكون الوبال عليه فيضر وهو يريد نفعا، بل ربما يُحَسِّنُ الظنَّ به بعضُ الخاصّة فيثق بقوله، فيكون الحال عندهم أطم ... ، وقد وقع ذلك فعلا لجماعة منهم؛ فهذا المجد صاحب القاموس قد قَلَّد ابنَ بدر في خاتمة كتابه سفر السعادة، إن لم نقل: سلك موطئ قدمه حذوَ النعل بالنعل، والحافظُ زينُ الدين العراقي مع جلالته وإمامته، وكذلك العلامة عزُّ الدين محمدُ بنُ إبراهيمَ بنِ علي المرتضى اليماني في العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير