تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الشيخ الكوثري عن زين الدين بن بدر الموصلي: «والرجل وإن كان يعد في الحفاظ، كما ذكره جماعة من المحدثين، لكن دعوى كونه ناقدا باطلة لا يظاهرها دليل. قال ابن حجر في القول المسدد (ص 20) عند قول الزين العراقي: أورده عمر بن بدر الموصلي: لا اعتداد بذلك؛ فإنه لم يكن من النقاد، وإنما أخرجه من كتاب ابن الجوزي، فلخصه ولم يزد من قِبَلِهِ شيئا. اهـ. وبالغ السيوطي في الحط من مقداره حتى قال في شرح التقريب: وليس هو من الحفاظ، وعليه في كثير مما قاله انتقاد» .. انظر: مقدمات الكوثري ــ ص 260، 261، 264.

وأما قول ابن الوزير عن الروايات المشتملة على الزيادة القائلة بهلاك جميع الفرق إلا واحدة: وليس فيها شيء على شرط الصحيح ولذلك لم يخرج الشيخان شيئا منها، وصحح الترمذي منها حديث أبي هريرة من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، وليس فيه «كلها في النار إلا فرقة واحدة»؛ فهذا كلام محرر على أصل أخذه عن ابن حزم أيضا، وقد بينه ابن الوزير نفسه فيما نقله عنه محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني (ت1182هـ) في رسالة له بعنوان «افتراق الأمة إلى نيف وسبعين فرقة» وكان قد بنى كلامه فيها على صحة رواية «كلها في النار إلا فرقة» مخالفا ما ذهب إليه ابن الوزير. وذلك الأصل أن من زاد على نقل الثقات في الحديث المشهور، كانت زيادته عند المحدثين مُعَلَّةً غير صحيحة، وإن كان الراوي ثقة؛ فمخالفة الثقات فيما شاركوه في حديثه تقوي الظن على أنه وَهِمَ فيما زاده، أو أدرج في الحديث كلام بعض الرواة. ومما قاله عن ابن حزم أيضا: على أن أصل الحديث الذي حكموا بصحته ليس مما اتفقوا على صحته وقد تجنبه البخاري ومسلم مع شهرته لعدم اجتماع شرائطهما فيه. انظر ابن الأمير الصنعاني: افتراق الأمة ــ ص 97، 99.

والكلام عن حكم زيادة الثقة وأنواعها فيه تفصيل ذكره ابن الصلاح في مقدمته، وبين أن منها الزيادة المخالفة المنافية لما رواه سائر الثقات، وحكمها الرد. ومنها زيادة ليس فيها منافاة ومخالفة أصلا لما رواه الثقات وهي مقبولة .. قال ابن الصلاح: وقد ادَّعَى الخطيب فيه (أي في هذا النوع) اتفاق العلماء. انظر مقدمة ابن الصلاح ــ ص 251 من تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن ــ رحمها الله تعالى. والزيادة في هذا الحديث من ذلك النوع الثاني فيما سلم من أسانيده مجردا أو بعد الاعتبار، وهي مروية من طرق عن عدد من الصحابة. وأما الطعن في حديث الترمذي وأبي داود الأصل فيؤدي إلى إسقاط هذا الكلام كله؛ فلم يعد معه زيادة على رواية ثقة أصلا، وبذلك يرجع الكلام إلى ترك حديث افتراق الأمة إلى نيف وسبعين فرقة سواء في ذلك الرواية الأصل من طريق محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، أو الروايات المشتملة على زيادة الحكم بهلاك جميع الفرق إلا واحدة، ولم يقل أحد من أهل العلم: إن البخاري ومسلما ــ رحمهما الله ــ قد استوعبا الصحيح المجرد؛ بله أن يقال: إنهما قد استوعبا المصحح أو المحسن بعد الاعتبار والنظر في تعدد طرقه.

وقد قال ابن الوزير عن تلك الزيادة في مبدأ كلامه: إنها زيادة فاسدة غير صحيحة القاعدة لا يؤمن أن تكون من دسيس الملاحدة. وأشار بعد ذلك إلى أنها غير ملائمة للكتاب والسنة في الحكم بهلكة أكثر الأمة في النار، على حين تتضافر آي الكتاب وصحاح السنة على بيان أن الله تعالى قد تجاوز لهذه الأمة عن النسيان والخطأ، وأنها خير الأمم ... وهذا الإشكال لا يتعلق بالنظر في أسانيد رواية الحديث؛ لكن بدرايته، وقد دفعه ابن الأمير الصنعاني بأربعة وجوه: أولها: القول بجواز أن هذه الفرق المحكوم عليها بالهلاك قليلة العدد، لا يكون مجموعها أكثر من الفرقة الناجية؛ فلا يتم أكثرية الهلاك ولا يَرِدُ الإشكال. ولا يكون ذكر العدد في الحديث لبيان كثرة الهالكين، وإنما هو لبيان اتساع طرق الضلال وشعبها، ووحدة طريق الحق. ونظير ذلك ما ذكره أئمة التفسير في قوله تعالى: ?وأنَّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرَّق بكم عن سبيله? (الأنعام/ 153) من أنه جمع السبل المنهي عن اتباعها لبيان شعب طرق الضلال وكثرتها وسعتها، وأفرد سبيل الهدى والحق لوحدته وعدم تعدده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير