قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (11\ 82): «ونحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل. لكنهم أكثر الناس صواباً وأندرهم خطأً وأشدهم إنصافاً وأبعدهم عن التحامل. وإذا اتفقوا على تعديلٍ أو جرحٍ، فتمسك به واعضض عليه بناجذيك، ولا تتجاوزه فتندم. ومن شذ منهم فلا عِبْرة به. فخَلِّ عنك العَناء، وأعط القوس باريها. فو الله لولا الحفاظ الأكابر لخطبت الزنادقة على المنابر. ولئن خطب خاطبٌ من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام وبلسان الشريعة وبجاه السنة وبإظهار متابعة ما جاء به الرسول (ص). فنعوذ بالله من الخذلان».
أما عن تعنت أبي حاتم فهو في توثيق الرجال. أما في العلل فكلامه حجة.
أما كلام ابن حزم فخالٍ من أي تحقيق علمي.
كلام أبو حاتم جزم فيه بأن الأوزاعي لم يسمع من عطاء وإنما من رجل لم يسمه. وهذا جزم به لأنه قد اطلع من الروايات على أضعاف أضعاف ما وصل إلى ابن حزم والألباني. فلا يحق لهؤلاء التعقيب عليه في شيء هو أعلم منهم به. وحسبك أن أحمد بن حنبل كان يحفظ مليون حديث. فأين هؤلاء الجهابذة من علماء زماننا؟
أما قول أبي حاتم أتوهم أنه عبد الله بن عامر أو إسماعيل بن مسلم. فهذا الظن إنما جاء على الرجل المبهم الذي لم يسمه الأوزاعي، وليس على وجود رجل مبهم فهو ثابت. ولذلك قال الإمام أسد السنة أبو حاتم: ولا يصلح هذا الحديث ولا يثبت إسناده.
واستدراكك عليه بابن حبان والحاكم لا قيمة له لأن هؤلاء من المتأخرين فلا عبرة بهم، عدا عن أنهما من المتساهلين كثيراً في التصحيح.
وتأمل ما جاء عن الامام أحمد: سالته عن حديث رواه محمد بن مصفى الشامي عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أن الله تجاوزا لامتي عما استكرهوا عليه وعن الخطأ والنسيان. وعن الوليد عن مالك عن نافع عن ابن عمر مثله، فأنكرهوا جدا وقال: ليس يروى فيه إلا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم تأمل قول ابن حزم الظاهري الجامد:
وهذا باطل فإن الإمام أحمد ضعف الحديث كله وأنكره إنكاراً شديداً. وقال قولة الفصل: .
فهذا صريحٌ جداً في أن الحديث لم تصح روايته إلا من طريق الحسن البصري. ومراسيل الحسن من أردئ المراسيل. والحديث أجدر أن يكون موضوعاً. لذلك قال الإمام أبو حاتم: .
وقد نقل الخلال عن أحمد قال: .
فهذا صريحٌ جداً في أن إمام الحديث أحمد بن حنبل يرى رد هذا الحديث وبطلانه. ولا أعرف لماذا يصر البعض على التقول عليه. إلا لأنهم عرفوا أنهم خالفوا أحد كبار الأئمة المتعمدين.
وأخيراً أهديك مقولة رائعة للإمام الذهبي تغمده الله بواسع رحمته.
قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ (ص726–826): «يا شيخ ارفق بنفسك والزم الإنصاف، ولا تنظر إلى هؤلاء الحفاظ النظر الشزر، ولا ترمقنهم بعين النقص، ولا تعتقد فيهم أنهم من جنس محدثي زماننا. حاشا وكلا. وليس في كبار محدثي زماننا أحدٌ يبلغ رتبة أولئك في المعرفة. فإني أحسبك لفرط هواك تقول بلسان الحال، إن أعوزك المقال: من أحمد؟ وما ابن المديني؟ وأي شئ أبو زُرعة وأبو داود؟ فاسكت بحلم أو انطق بعلم. فالعلم النافع هو ما جاء عن أمثال هؤلاء. ولكن نسبتك إلى أئمة الفقه كنسبة محدثي عصرنا إلى أئمة الحديث! فلا نحن ولا أنت، وإنما يَعرفُ الفضلَ لأهلِ الفضلِ ذوو الفضل».
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[25 - 08 - 02, 03:03 ص]ـ
أحسنت أخي [محمد الأمين] وأجدتَ
وأغرب ما رأيته في هذا التخريج جواب الإمام ابن حزم على كلام الإمام أسد السنّة أحمد بن حنبل.
وعندما سُئل الشيخ العلاّمة سليمان العلوان عن الحديث قال: [أنكره الإمام أحمد].
ـ[مبارك]ــــــــ[25 - 08 - 02, 04:03 ص]ـ
* قواعد الحديث التي وضعها الأئمة المتقدمون تنقسم إلى قسمين:
¥