فمن الذي ينتقد الحديث من المتأخرين كانتقاد أولئك الذين عاينوا الأصول وعرفوا عللها وميزوا صحيحها من سقيمها.
ـ[الدرع]ــــــــ[27 - 08 - 02, 06:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أخي (محمد الأمين) أشكرك على هذا التعقيب، و تحسيني للحديث فهو تحسين لمعنى الحديث بقصد إزالة الغرابة عن المتن أما السند فقد قلت (لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم سنداً)
فجزاك الله خيراً على هذا التنبيه وكما قلت أخي (وعلى أية حال فالحديث الحسن من أنواع الضعيف كما أثبت شيخ الإسلام ابن تيمية) فلا مشاحة في
الاصطلاح.
**********************
وأما عن طلب الأخ (أبو عمر العتيبي) بقوله (أطالب بتحديد تاريخ للفصل بين المتقدمين والمتأخرين)
والأخ (مبارك) بقوله (القول بأن ابن حبان متأخر قول عجيب، لأن الفرق بينه وبين أبو حاتم حوالي (77) سنة فقط فهو على هذا متقدم، لذا نتمنى أن تعطينا الحد الزمني الفاصل بين المتقدم والمتأخر حتى نميز ذلك)
************ فالجواب هو **************
لقد ورد عن الأئمة المتأخرين ما يتصل بالحد الفاصل بين المتقدم والمتأخر:
يقول الحافظ الذهبي (الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين ثلاث مائة سنه) هذا وقد أدرج الحافظ الذهبي الحافظ الإسماعيلي ضمن الحفاظ المتقدمين مع أن الإسماعيل قد توفي سنة 371هـ يعني في أواخر القرن الرابع الهجري.
يقول الحافظ الذهبي في ترجمة الإسماعيلي: (صنف الإسماعيلي مسند عمر رضي الله عنه، طالعته وعلقت منه وابتهرت بحفظ هذا الإمام، وجزمت بأن المتأخرين على إياس من أن يلحقوا المتقدمين)
وقال الحافظ ابن حجر ( ... وهاتان الحالتان مختصتان بالمتقدمين، وأما المتأخرون وهم من بعد الخمسمائة وهلم جرا ... )
وبناؤ على نصوصهم هذه وما ذكروا من أسماء للمتقدمين التي سيأتي ذكرها، يمكن القول بأن المتقدم هو من له رواية كأن يقول (حدثني فلان عن فلان ... ) وأما المتأخر فهو الذي يعتمد على رواية وكتب غيره من الحفاظ وليس له رواية.
كما اعتبر ابن الملقن ذلك حدا فاصلا بين المتقدمين والمتأخرين، حين قال:
(هذا كله كان على رأي السلف الأول، يذكرون الأحاديث بالأسانيد في هذه التصانيف إذ عليه المعول. وأما المتأخرون فاقتصروا على إيراد الأحاديث في تصانيفهم بدون الإسناد، مقتصرين على العزو إلى الأئمة الأول إلا أفرادا من ذلك وآحادا: كأحكام عبد الحق الكبرى والصغرى والوسطى)
هذا من ناحية.
أما من ناحية المنهج (وهو الأهم) فالمتقدمون ينقسمون إلى قسمين:
1 - محدث ناقد.
2 - محدث غير ناقد.
فالأول (المحدث الناقد)
وهو الذي لا يعتمد على ظاهر السند فقط في تصحيح وتضعيف الحديث، بل لأمور تنضم إلى ذلك من عدم الشذوذ والنكارة وغيرها، ثم بعد ذلك يطلق الحكم على الحديث بناء على القرائن والملابسات التي تحيط بذلك الإسناد، وهؤلاء فقط هم المقصود بالمتقدمين، وقد أطلق عليهم بالمتقدمين تجاوزا، وذلك نظرا لأن معظم النقاد من المتقدمين.
غير أنه يستثنى من النقاد بعض من عرف بالتساهل في التصحيح كابن خزيمة وابن حبان والحاكم، مع أنهم من المتقدمين، حسب كتب المصطلح، فإنجميع كتب متفقة على هذا الاستثناء، وذلك نظرا لمخالفتهم مع النقاد في منهج التصحيح، واعتمادهم على ظاهر السند، وهذا هو النوع الثاني (محدث غير ناقد) ومن سلك مسلكهم يعد متساهلا ولا بد.
وبذلك نقول كما قال الشيخ الدكتور حمزة المليباري في تحفته (الموازنة):
مَنْ كان عمله على النوع الأول (وهو إعتماد القرائن والملابسات في التصحيح والتضعيف) فهو على منهج المتقدمين.
ومَنْ كان عمله على النوع الثاني (وهو إعتبار ظواهر السند) فهو على منهج المتأخرين.
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى (إن لكل من أئمة الفقه والحديث
طريقاً غير طريق الآخر:
1 - فإن الذي تقتضيه قواعد الأصول والفقه أن العمدة في تصحيح الحديث عدالة الراوي وجزمه بالرواية، ونظرهم يميل إلى اعتبار التجويز الذي يمكن معه صدق الراوي وعدم غلطه، فمتى حصل ذلك وجاز ألا يكون غلطاً وأمكن الجمع بين روايته ورواية من خالفه بوجه من الوجوه الجائزة لم يترك حديثه.
2 - فأما أهل الحديث فإنهم قد يروون الحديث من رواية الثقات العدول ثم تقوم لهم علل تمنعهم عن الحكم بصحته) اهـ.
¥