تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونقل الذهبي عن ابن حيويه أنه قال: " جئت إلى شيخ عنده الموطأ، فكان يُقرأ عليه وهو يتحدث، فلما فرغ قلت: أيها الشيخ يقرأ عليك وأنت تتحدث، فقال: قد كنت أٍسمع، قال: فلم أعد إليه " ثم علق الذهبي على ذلك بقوله: "قلت: كذا شيوخ الحديث اليوم إن لم ينعسوا تحدثوا، وإن عوتبوا قالوا قد كنا نسمع، وهذه مكابرة " (28).

ونقل الذهبي أيضاً:" وقد تسمح الناس في هذه الأعصار بالإسراع المذموم الذي يخفي معه بعض الألفاظ، والسماع هكذا لا ميزة له على الإجازة، بل الإجازة صدق، وقولك: سمعت، أو قرأت هذا الجزء كله، مع التمتمة ودمج بعض الكلمات كذب .. وكان الحفاظ يعقدون مجالس للإملاء وهذا قد عُدم اليوم، والسماع بالإملاء يكون محققاً ببيان الألفاظ للمسمع والسامع " (29).

هكذا هو حال الرواية في زمن البيهقي وزمن الذهبي، فما ظنك بحال الرواية في زمن الصنعاني، أيقال بعد ذلك بترجيح لفظة شاذة ليست في كل النسخ بحجة أن النسخة التي وجدت فيها تلك اللفظة نسخة صحيحة مقروءة كما يقول الصنعاني، ولم يكتف بذلك صاحب عون المعبود حتى زاد، فجعلها نسخة صحيحة مقروءة على الحفاظ، على أن من يوصف بالحفظ في ذلك العصر، أعنى عصر الصنعاني، إنما يوصف بذلك لأجل كثرة ما يحصله من الإجازات والقراءة على الشيوخ، ولا يتأتى ذلك لهم إلا بسرعة القراءة، بل كانوا يفتخرون بذلك، فيقول قائلهم قرأت البخاري في ثلاثة أيام، ومسلماً في ستة أيام، ومعجم الطبراني الصغير بين المغرب والعشاء، وأمثال ذلك، بل كان هذا النوع من القراءة في زمن يذخر بالحفاظ المحققين عند أهل هذا العصر، كالذهبي، وابن حجر، والسيوطي، وأضرابهم،ولقد رأيت بنفسي في هذا العصر أناساً يقرؤون على بعض الشيوخ قراءة لا يمكنني معها معرفة ما يقول إلا بالمتابعة في الكتاب، ولا أكاد أدرك الموضع الذي يقرؤه، ولذلك اشترط ابن الصلاح لمن أراد الاحتجاج بحديث، أو العمل به من الكتب المعتمدة مراجعة أصل قد قوبل بأصول صحيحة متعددة مروية بروايات متنوعة، ليحصل له بذلك مع شهرة هذه الكتب وبعدها على أن تقصد بالتبديل والتحريف الثقة بصحة ما أتفقت عليه تلك الأصول فجعل الثقة لا تحصل إلا بالذي اتفقت عليه تلك الأصول المتعددة (30).

الراجح في رواية ابن الشهيد وابن أيوب عن عمر بن عبيد

وأما رواية إسحاق بن الشهيد وزياد بن أيوب فأخرجها ابن خزيمة عنهما بذكر هذه الزيادة كما في النسخة المطبوعة بتحقيق د. مصطفى الأعظمي (31)، غير أن ابن حجر روى هذا الحديث بسنده من طريق ابن خزيمة فلم يذكر ثم قال: " أخرجه ابن خزيمة في صحيحة هكذا " (32).

وقال في التلخيص: " تنبيه: وقع في صحيح ابن حبان من حديث ابن مسعود زيادة (وبركاته) وهي عند ابن ماجة أيضاً،وهي عند أبي داود أيضاً في حديث وائل بن حجر فيتعجب من ابن الصلاح، حيث يقول إن هذه الزيادة ليست في شيء من كتب الحديث " (33).

وهذا دليل على أنه لم ير هذه الزيادة في حديث ابن مسعود عند ابن خزيمة، وكذا كل من خرّج الحديث فإني لم أجد من عزى هذه الزيادة لابن خزيمة سوى من اعتمد على النسخة السابقة، ثم إن أبا داود السجستاني قد روى هذا الحديث من طريق أحد شيخي ابن خزيمة في هذه الرواية، وهو زياد بن أيوب، فلم يذكر هذه اللفظة (34)،وعليه فالأقرب إلى الصواب عدم إثبات هذه الزيادة في حديث ابن مسعود عند ابن خزيمة.

3 - رواية أبي الأحوص سلام بن سليم:

روى هذا الحديث عن أبي الأحوص أربعة من أصحابه مسدد بن مسرهد (35)،وأبو الفضل عباس بن الوليد النرسي (36)، وسهل بن عثمان العسكري (37)، وهناد بن السري، فلم يذكر هذه الزياده سوى هناد بن السري وحده (38)، وقول الجماعة أولى بالصواب.

خلاصة القول في تصحيح حديث ابن مسعود

قال مقيده (عفا الله عنه): إنما قلت بأن الصواب عدم ذكر زيادة (وبركاته) فيما تقدم من الروايات عن ابن مسعود لما يلي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير