يورده البخاري من ذلك على أنحاء منها ما يصرح فيه بالسماع عن ذلك الشيخ بعينه إما في نفس الصحيح وإما خارجة والسبب في الأول إما أن يكون أعاده في عدة أبواب وضاق عليه مخرجه فتصرف فيه حتى لا يعيده على صورة واحدة في مكانين وفي الثاني أن لا يكون على شرطه إما لقصور في بعض رواته وإما لكونه موقوفا ومنها ما يورده بواسطة عن ذلك الشيخ والسبب فيه كالأول لكنه في غالب هذا لا يكون مكثرا عن ذلك الشيخ ومنها ما لا يورده في مكان آخر من الصحيح مثل حديث الباب فهذا مما كان أشكل أمره علي والذي يظهر لي الآن أنه لقصور في سياقه وهو هنا تردد هشام في اسم الصحابي وسيأتي من كلامه ما يشير إلى ذلك حيث يقول أن المحفوظ أنه عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك وساقه في التاريخ من رواية مالك بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم كذلك) انتهي.
و بصرف النظر فأنا نقلت هذا الكلام فقط لأبرهن أن البخاري قد يأتي بما هو ليس علي شرطه بسبب قصور في بعض رواته.
و كما قلتم سابقا (وأما قول البخاري (قال) فلان وهو من شيوخه فله فيها مقاصد متعددة فلا يعني أن كل ما قال البخاري قال عن شيخه أنه ليس على شرطه) فهذا يعني أنكم ترون أن استخدام البخاري لصيغة (قال) عن شيخ من شيوخه له احتمالات متعددة و من بينها أن يكون ليس علي شرطه أي أن هذا السبب غير منتفي عندكم و ذكر الشيخ عبد العزيز الطريفى أن ذلك هو الأظهر و كلام ابن حجر يدل علي أن ما يأتي به البخاري و هو ليس علي شرطه قد يكون سبب ذلك هو قصور أحد رواته.
و أعتقد أن تجريح و تضعيف أبو حاتم له سبب قوي ليبرهن علي ذلك و كلام الألباني دل علي أن استعمال ابو حاتم لهذا اللفظ (صالح الحديث) هو تجريح و تضعيف حيث قال الألباني في السلسلة الضعيفة (فهذه العبارة من ألفاظ التجريح لا التعديل عند أبي حاتم , خلافا لما يدل عليه كلام السيوطي في " التدريب " (233 - 234) , و على هذا فيرفع اسم أبي حاتم أيضا من قائمة الموثقين إلى قائمة المضعفين).
أما قول الشيخ العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله في حاشية الفوائد المجموعة ص 168
(إخراج البخاري الخبر في التاريخ لايفيد الخبر شيئا بل يضره فإن من شأن البخاري أن لايخرج الخبر في التاريخ إلا ليدل على وهن راويه) انتهى.)
فلعل المسألة خلافية لأن الشيخ الألباني قال ما يفيد غير ذلك كما ذكرت سابقا من أن البخاري رجح و قدم رواية (التاريخ) علي رواية الصحيح المعلقة.
و لكن ألا يتنافي قول العلامة عبد الرحمن المعلمي مع ما ذكرتم من قول البخاري (وكل رجل لا أعرف صحيح حديثه من سقيمه لا أروي عنه ولا أكتب حديثه) و خصوصا أن البخاري لم ينبه علي وهن رواية مالك بن أبي مريم أو وهن أحد من رواتها؟ و لذلك فأنا مع احترامي لكلامكم إلا أنني أميل لرأي الألباني في تلك النقطة.
أما قولكم (بل قد احتج في التبويب بجزء من الحديث وهو استحلال شرب الخمر.)
و لكنه لم يحتج باستحلال المعازف و خصوصا مع عدم وجود متابعة لعطية بن قيس لهذا اللفظ الذي قد يعطي حكما غير مسبوق بتحريم المعازف.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[31 - 05 - 05, 04:16 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وحفظكم
قد ذكر الحافظ ابن الصلاح رحمه الله أن هذا الحديث على شرط الصحيح وذكر جوابا عما ذكرته وفقك الله
قال الحافظ (10/ 52 - 53)
وأما دعوى بن حزم التي أشار إليها فقد سبقه إليها ابن الصلاح في علوم الحديث فقال التعليق في أحاديث من صحيح البخاري قطع إسنادها وصورته صورة الانقطاع وليس حكمة حكمة ولا خارجا ما وجد ذلك فيه من قبيل الصحيح إلى قبيل الضعيف ولا التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري الحافظ في رد ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر وأبي مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف الحديث
من جهة أن البخاري أورده قائلا قال هشام بن عمار وساقه بإسناده فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام وجعله جوابا عن الاحتجاج به على تحريم المعازف وأخطأ في ذلك من وجوه والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح والبخاري قد يفعل مثل ذلك لكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسندا متصلا وقد يفعل ذلك لغير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع اه
¥