ولفظ ابن حزم في المحلى ولم يتصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد وحكى بن الصلاح في موضع آخر أن الذي يقول البخاري فيه قال فلان ويسمى شيخا من شيوخه يكون من قبيل الإسناد المعنعن وحكى عن بعض الحفاظ أنه يفعل ذلك فيما يتحمله عن شيخه مذاكرة وعن بعضهم أنه فيما يرويه مناولة وقد تعقب شيخنا الحافظ أبو الفضل كلام بن الصلاح بأنه وجد في الصحيح عدة أحاديث يرويها البخاري عن بعض شيوخه قائلا قال فلان ويوردها في موضع آخر بواسطة بينه وبين ذلك الشيخ
قلت الذي يورده البخاري من ذلك على أنحاء منها ما يصرح فيه بالسماع عن ذلك الشيخ بعينه إما في نفس الصحيح وإما خارجة والسبب في الأول إما أن يكون أعاده في عدة أبواب وضاق عليه مخرجه فتصرف فيه حتى لا يعيده على صورة واحدة في مكانين
وفي الثاني أن لا يكون على شرطه إما لقصور في بعض رواته وإما لكونه موقوفا
ومنها ما يورده بواسطة عن ذلك الشيخ والسبب فيه كالأول لكنه في غالب هذا لا يكون مكثرا عن ذلك الشيخ ومنها ما لا يورده في مكان آخر من الصحيح مثل حديث الباب فهذا مما كان أشكل أمره علي والذي يظهر لي الآن أنه لقصور في سياقه وهو هنا تردد هشام في اسم الصحابي وسيأتي من كلامه ما يشير إلى ذلك حيث يقول أن المحفوظ أنه عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك وساقه في التاريخ من رواية مالك بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم كذلك وقد أشار المهلب إلى شيء من ذلك وأما كونه سمعه من هشام بلا واسطة وبواسطة فلا أثر له لأنه لا يجزم إلا بما يصلح للقبول ولا سيما حيث يسوقه مساق الاحتجاج
وأما قول بن الصلاح أن الذي يورده بصيغة قال حكمة حكم الإسناد المعنعن والعنعنة من غير المدلس محمولة على الاتصال وليس البخاري مدلسا فيكون متصلا فهو بحث وافقه عليه ابن منده والتزمه فقال أخرج البخاري قال وهو تدليس
وتعقبه شيخنا بأن أحدا لم يصف البخاري بالتدليس
والذي يظهر لي أن مراد بن منده أن صورته صورة التدليس لأنه يورده بالصيغة المحتملة ويوجد بينه وبينه واسطة وهذا هو التدليس بعينه لكن الشأن في تسليم أن هذه الصيغة من غير المدلس لها حكم العنعنة فقد قال الخطيب وهو المرجوع إليه في الفن أن (قال) لا تحمل على السماع إلا ممن عرف من عادته أنه يأتي بها في موضع السماع مثل حجاج بن محمد الأعور فعلى هذا ففارقت العنعنة فلا تعطى حكمها ولا يترتب عليه أثرها من التدليس ولا سيما ممن عرف من عادته أن يوردها لغرض غير التدليس
وقد تقرر عند الحفاظ أن الذي يأتي به البخاري من التعاليق كلها بصيغة الجزم يكون صحيحا إلى من علق عنه ولو لم يكن من شيوخه لكن إذا وجد الحديث المعلق من رواية بعض الحفاظ موصولا إلى من علقه بشرط الصحة أزال الاشكال ولهذا عنيت في ابتداء الأمر بهذا النوع وصنفت كتاب تعليق التعليق .. ) انتهى.
وأما كونه يحتج به على الخمر ولايحتج به على المعازف فهذا تحكم، فما الذي يدل على ذلك، فكونه أورده في كتاب الأشربة واستدل به على استحلال الخمر فلا ينفي عنه احتجاجه ببقية الحديث
ولهذا لم يذكر أحد من أهل العلم المعروفين هذا القول لظهور فساده بأدنى تأمل
فهذا التحكم في الحديث بجعل الإمام البخاري يحتج بجزء من الحديث ولايحتج بالجزء الآخر فيه نظر ولايدل عليه دليل ولم ار أحدا من أهل العلم ذكره، والله أعلم.
وإذا ثبت أن الحديث متصل بين البخاري وشيخه هشام بن عمار فيكون الحديث مثله مثل الحديث الذي يقول فيه حدثنا
ولذلك ذكر الحافظ ابن الصلاح رحمه الله أن هذا الحديث على شرط البخاري
وأما عطية بن قيس فقد سبق توضيح حاله وبيان توثيقه، وقول أبي حاتم رحمه الله في عطية بن قيس (صالح الحديث) فلا يدل على كون هذا الرواي شديد الضعف على رأيه، وأيضا فقد ذكر العلماء تشدده في الكلام على الرواة، فيقابله إخراج البخاري وغيره له وغير ذلك من كلام العلماء كما سبق
(((قال ابن تيمية فى مجموع الفتاوى (24/ 350) (وأاما قول أبى حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به فأبو حاتم يقول مثل هذا فى كثير من رجال الصحيحين وذلك أن شرطه فى التعديل صعب والحجة فى اصطلاحه ليس هو الحجة فى اصطلاح جمهور أهل العلم)
ونقل الزيلعى فى نصب الراية (2/ 439) عن ابن عبدالهادى (قول أبى حاتم لايحتج به غير قادح فإنه لم يذكر السبب وقد تكررت منه فى رجال كثيرين من أصحاب الصحيح الثقات الاثبات من غير بيان السبب 00000000)
وقال الذهبى فى تذكرة الحفاظ (2/ 420) (قد علم تعنت ابى حاتم فى الرجال) وقال فى السير (13/ 81) (يعجبنى كثيرا كلام أبى زرعة فى الجرح والتعديل يبين عليه الورع والمخبرة بخلاف رفيقه أبى حاتم فإنه جراح)
وانظر الميزان للذهبى (2/ 43) و (2/ 354))
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=103&postcount=32
فالبخاري رحمه الله لايروي عن راو حتى يعرف صحيح حديثه من سقيمه، وهذا ينطبق على عطية بن قيس وغيره
فيكون هذا الحديث على شرط البخاري رحمه الله كما قال ابن الصلاح.
¥