تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا الإمام الطحاوي رحمه الله تعالي يقول في مقدمة (مشكل الآثار): فإني نظرت في الآثار المروية عنه صلي الله عليه وسلم بالأسانيد المقبولة التي نقلها ذوو التثبت فيها والأمانة عليها وحسن الأداء لها فوجدت فيها أشياء مما سقطت معرفتها والعلم بما فيها عن أكثر الناس

فمال قلبي إلي تأملها وتبيان ما قدرت عليه من مشكلها ومن استخراج الأحكام التي فيها ومن نفي الإحالات عنها ..

ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[12 - 03 - 04, 08:29 م]ـ

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أبو نايف

أخي الفاضل أبو عمر بارك الله فيك

هل سبقك أحد من أهل العلم بهذا القول (أن أهل الحديث إنما يوردون الجمع بين الحديثين وإن كان في أحدهما مقالا)

بمعني أن المحدثين يحاولون الجمع بين قول النبي صلي الله عليه وسلم وقول أحد من الناس يعارضه؟!

- الأخ الفاضل ... بارك الله فيك

- ههنا نقطتان حول ذا التعقيب:

الاولى: أنَّ من منهج (الفقهاء)؛ سواءٌ أكانوا محدثين أم لا = أن يجمعوا بين حديثين ولو كان أحدهما فيه نظراً على افتراض صحة أحدهما، جواباً لمن يتمسَّك بالتصحيح.

- وقد تقدَّم الجواب عليه بالتفصيل.

وهذا أمرٌ معلومٌ ظاهرٌ جداً لا يحتاج لتمثيل.

@ وبالنسبة لمثال حديث أم سلمة، فإن المخالف يرى أن حديثها موقوف عليها من قولها، ولكنه قد يجيب عنه مع كونه يرى وقفه جواباً لمن يتمسك برجحان رفعه.

النقطة الثانية، وهي أهم من الأولى: أنك فهمت - بارك الله فيك - أنني

أقلو بأنَّ المحدثين يحاولون الجمع بين سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقول (أي أحدٍ من الناس!).

@ وهذا ما لم ولن ولا أتحدث عنه.

إنما كان الكلام في أنَّ الإمام أحمد لو كان يعتقد برجحان رفع حديث أم سلمة لكنه ومع ذلك جمع بينه وبين حديث عائشة المرفوع حكماً.

فالقضية المجموع بينها ليست بين حديث أم سلمة الموقوف وبين حدي عائشة؛ لكنها بين حديث أم سلمة - على فرض رفعه - وبين حديث عائشة.

@ لذا فقولك: هل سبقك أحد من أهل العلم إلى هذا؟ وتقصد به (الجمع بين حديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وبين قول أي أحد [بهذا التعميم]!).

فالجواب: لم يسبقني به أحدٌ من اهل العلم - على قصور علمي - وأنا لم أقله أصلاً ولا نقلته عن أحدٍ منهم!

لكنك فهمت هذا من كلامي فذكرته.

@ لكن .. وللفائدة فقد يكون ثمة محاولة جمع بين سنة النبي صلى الله عليه وسلم وبين آثار الصحابة التي قد يفهم منها الرفع أو خلافه.

وهذا تجد أمثلته في كتب الفقه المشتغلة بنقل الأدلة والجواب عنها.

وأقرب شيء في ذلك كتاب المحلى لأبي محمد ابن حزم رحمه الله.


الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أبو نايف
وأما عن المثال فالإمام البخاري رحمه الله تعالي أخذ بحديث (الفخذ عورة) لأنه روي عن جماعة من الصحابة بأسانيد بعضها يقوي بعضا
ولهذا قال رحمه الله تعالي: ويروي عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش.

- الأخ الفاضل ... بارك الله فيك
ههنا نقطتان أيضاً:
الأولى: أنَّ حديث جرهد ضعيف، وقد أعلَّ بالاضطراب والإرسال وغير ذلك.
وتجد الكلام عليه في كتب التخريج؛ وممن أعلَّه البخاري نفسه في تأريخه الكبير.
بل حتى بعض المتأخرين ذهبوا إلى ذا الحكم:
@ قال الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (2/ 209): " وأما حديث جرهد فإنه حديث مضطرب جداً ".
@ وقال العلاَّمة الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 298): " ولا يشك الباحث العارف بعلم المصطلح أن مفردات هذه الأحاديث كلها معللة، وأن تصحيح أسانيدها من الطحاوي والبيهقي فيه تساهل ظاهر، غير أن مجموع هذه الأسانيد تعطي للحديث قوة فيرقى بها إلى درجة الصحيح، لاسيما وفي الباب شواهد أخرى بنحوها تأتي بعده).
ولعلك تلاحظ أنَّ الكلام على حديث جرهد وأنه أحوط لا على المجموع الذي فسَّرت به صنيع البخاري.
@ هذا كله أولاً ..

وأما أنَّ البخاري يرى صحة الأحاديث الدالة على كون الفخذ عورة فليس هناك ما يدلُّ على تصحيحه لحديث جرهد أو ابن عباس أو ابن جحش؛ فقد أشار لضعفها بتعليقها بصيغة التمريض (يُرْوى).
سواء صحَّحها بمجموع الطرق كما ذكرتَ، أو حتى بانفرادها وهو بعيد جداً على مثله كإمام.
وقد أشار لاضطراب حديث جرهد في التأريخ ومع ذلك قال عنه (أحوط)، وقال عن حديث أنس (أسند).
لكنه جمع بينها حال الخلاف الفقهي والخروج منه بأنه أحوط خروجاً من الخلاف.
وهذا ما ندور حوله من أن الفقيه يجيب بجوابٍ عن حديث قد يرى ضعفه.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير