تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 _ أثرُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ ?: ذكَرَ ابنُ الجَزَريِّ في " النَّشرِ " (2/ 311) أنَّ الحافظَ أبا العلاء الهَمَذَانيَّ روى عن عليِّ بن أبي طالبٍ ? أنَّه كان يقولُ: إذا قرأتَ القُرآنَ فبلغْتَ بين المُفصَّلِ؛ فاحْمَدِ اللَّهَ، وكَبِّرْ بينَ كلِّ سورتينِ. وفي روايةٍ: فَتَابعْ بينَ المُفَصَّلِ في السُّورِ القِصَارِ، واحْمَدِ اللَّهَ، وكَبِّرْ بين كلِّ سورتينِ.

أقولُ: هكذا ذكره ابنُ الجَزَريِّ مُعلَقَّاً، ولم أقفْ على إسنادِهِ لأَحْكُمَ عليه.

ثالثاً: الآثارُ المقطوعةُ الواردةُ في التَّكبيرِ:

1 _ أثرُ مُجاهدِ بنِ جبرٍ المكِّيِّ: أخرجَ يعقوبُ بنُ سفيانَ الفَسَويُّ _ كما في " معرفة القُرَّاء " (1/ 178) ومن طريقه: أبو بكرٍ بنُ مُجاهدٍ _ كما في " النَّشر " (2/ 311) _ قال: حدَّثنا الحُميديُّ، حدَّثنا غيرُ واحدٍ، عنِ ابنِ جُريجٍ، عن حُميدٍ، عن مُجاهدٍ أنَّهُ كان يُكبِّرُ من خاتمَةِ: ? وَالضُّحَى ?، إلى خاتمَةِ: ? قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ?، وإذا خَتَمَهَا قَطَعَ التَّكْبيرَ.

أقولُ: هذا إسنادٌ ضعيفٌ لسببينِ:

الأوَّلُ: جهالةُ شيوخِ الحُميديِّ المُبهمين.

الثَّاني: ابنُ جُريجٍ مُدلِّسٌ، وهو لا يُدلِّسُ إلاَّ عن مجروحٍ، ولم يُصرِّحْ بالسَّماعِ فيه.

وأخرجَ الحافظُ أبو عمرٍو الدَّانيُّ، والحافظُ أبو العلاءِ الهَمَذَانيُّ، وأبو القاسمِ بنُ الفحَّامِ _ كما في " النَّشر " (2/ 311) _ من طريقِ أحمد بن عون القواس، حدَّثنا عبد المجيد، عنِ ابنِ جُريجٍ [جاء في الأصلِ: عبد الحميد بن جُريج، وهو تحريفٌ]، عن مُجاهدٍ أنَّهُ كان يُكبِّرُ من: ? وَالضُّحَى ? إلى: ? الحَمْدُ ?.

أقولُ: وهذا ضعيفٌ _ أيضاً _؛ أحمد بن عون القواس هو: أحمد بن محمَّد بن عون، صدوقٌ له أوهامٌ، وعبد المجيد هو: ابنُ عبد العزيز بن أبي رَوَّاد، صدوقٌ يُخْطىءُ، وابنُ جُريجٍ ذكرنا أنَّه مدُلِّسٌ، لا يُدلِّسُ إلاَّ عن مجروحٍ، وقد عنْعَنَهُ.

2 _ أثرُ حُميدِ بنِ قيسٍ الأعرجِ المكِّيِّ: أخرجهُ يعقوبُ بنُ سفيانَ الفَسَويُّ _ كما في " معرفة القُرَّاءِ الكبار " (1/ 177 _ 178) _ قال: حدَّثنا الحُميديُّ، حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ؛ قال: رأيتُ حُميداً الأعرجَ يقرأُ والنَّاسُ حولَهُ، فإذا بَلَغَ: ? وَالضُّحَى ?؛ كبَّرَ إذا خَتَمَ كلَّ سورةٍ حتَّى يختمَ.

وأخرجه أبو عمرٍو الدَّانيُّ، وابنُ مُجَاهدٍ _ كما في " النَّشر " (2/ 311) _ من طريقِ سفيان بن عُيَيْنَةَ، به.

أقولُ: وهذا إسنادٌ صحيحٌ.

وأخرجَ الفاكهيُّ في " أخبارِ مكَّةَ " (رقم:1685) قال: حدَّثنا أبو عمرٍو الزَّيَّاتُ سعيد بن عثمان _ مولى ابنِ بحر المكِّيّ _؛ قال: حدَّثنا ابنُ خُنَيْسٍ؛ قال: حدَّثنا وُهَيْبُ بنُ الوَرْدِ؛ قال: قيلَ لعطاءٍ: إنَّ حُميدَ بنَ قيسٍ يختمُ في المسجدِ، فقال عطاءٌ: لو عَلِمْتُ اليومَ الَّذي يختمُ فيه لأَتَيْتُهُ حتَّى أحضرَ الختمةَ، قال وُهيبٌ: فذكرتُ لحُمَيدٍ قولَ عطاءٍ؛ فقال: أنا آتيه حتَّى أختمَ عنده، فذكرتُ ذلك لعطاءٍ؛ فقال عطاءٌ: لاَ هَا اللَّهِ إِذاً، نحنُ أحقُّ أنْ نمشي إلى القُرآنِ، قال: فأتاهُ عطاءٌ، فَحَضَرَهُ، فجعلَ حُمَيْدٌ يقرأُ حتَّى بَلَغَ آخرَ القُرآنِ، يُكَبِّرُ، كلَّما خَتَمَ سورةً كَبَّرَ حتَّى خَتَمَ.

أقولُ: هذا إسنادٌ ضعيفٌ، لكنَّه يتقوَّى بسابقِهِ فيكونُ حَسَناً لغيرِهِ؛ فأبو عمرٍو الزَّيَّاتُ _ شيخُ الفاكهيِّ _ لم أجِدْ منْ ترجمه، وابنُ خُنَيْسٍ هو: محمَّدُ بنُ يزيدِ بنِ خُنَيْسٍ، قال فيه أبو حاتمٍ: " كان شيخاً صالحاً، كتبنا عنه بمكَّةَ "، وذكره ابنُ حِبَّانَ في " الثِّقاتِ " وقال: " كان من خِيَارِ النَّاسِ، ربَّما أخطأ، يجبُ أنْ يُعْتَبَرَ حديثُهُ إذا بَيَّنَ السَّماعَ في خَبَرِهِ،ولم يَرْوِ عنه إلاَّ ثقةٌ "، وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في" التَّقريبِ ": " مقبولٌ "، أي: حيثُ يتابع، وإلاَّ فهو ليِّنٌ، أمَّا وُهَيْبُ بنُ الوَرْدِ فهو ثقةٌ، لكنْ قيل: إنَّ روايته عن عطاءِ بنِ أبي رباحٍ مُرْسلةٌ.

وقد تابعَ أبا عمرٍو الزَّيَّاتَ عليه كلٌّ من: أبي يحيى عبد اللَّه بن أحمد بن أبي مَسَرَّةَ، ومحمَّدِ بنِ سعدٍ.

أمَّا متابعةُ أبي يحيى عبد اللَّه بن أحمد بن أبي مَسَرَّة _ قال ابنُ أبي حاتمٍ: " محلُّهُ الصِّدقُ "، وذكره ابن حِبَّانَ في " الثِّقات " _: فأخرجها الفاكهيُّ _ أيضاً _ عَقِبَ الرِّوايةِ السَّابقةِ، وزادَ فيها: فلمَّا بَلَغَ حُميدٌ: ? وَالضُّحَى ? كَبَّرَ كلَّما خَتَمَ سورةً، فقال لي عطاءٌ: إنَّ هذا لبدعة.

وأمَّا متابعةُ محمَّدِ بنِ سعدٍ _ وهو صدوقٌ _: فأخرجها ابنُ سعدٍ _ نفسه _ في كتابه " الطَّبقات الكبرى " (5/ 486) قال: أخبرنا محمَّد بن يزيد بن خُنَيْسٍ؛ قال سمعتُ وُهَيْبَ بنَ الوَرْدِ؛ قال: كان الأعرجُ يقرأُ في المسجدِ، ويجتمعُ النَّاسُ عليه حين يختمُ القُرآنَ، وأتاهُ عطاءٌ ليلةَ ختمِ القُرآنِ.

أقولُ: هكذا رواها من غيرِ ذكرِ التَّكبيرِ من أوَّلِ: ? وَالضُّحَى ? حتَّى يختمَ.

3 _ أثرُ صدقة بن عبد اللَّه بن كثيرٍ الدَّاريِّ المكِّيِّ: أخرجه يعقوب بن سفيان الفَسَويُّ _ كما في " معرفةِ القرَّاءِ " (1/ 178) _ قال: حدَّثنا الحُميديُّ؛ قال: سألتُ ابنَ عُيَيْنَةَ؛ قلتُ: يا أبا محمَّد، رأيتُ شيئاً ربَّما فَعَلَهُ النَّاسُ عندنا، يُكَبِّرُ القَارىءُ في شهرِ رمضانَ إذا خَتَمَ؟، فقال: رأيتُ صدقةَ بنَ عبدِ اللَّه بن كثيرٍ يؤمُّ النَّاسَ منذُ أكثر من سبعينَ سنةٍ؛ فكانَ إذا خَتَمَ القُرآنَ كَبَّرَ.

أقولُ: وهذا سندٌ صحيحٌ _ أيضاً _.

حاصلُ الأمرِ؛ أنَّ التَّكبيرَ أمرٌ اشْتُهِرَ في أهلِ مَكَّةَ _ قُرَّائهم وعلمائهم وأئمَّتهم _، ولم يثبتْ فعلُهُ عن رسولِ اللَّهِ ?، ولاَ عن صحابتِهِ الكرامِ، وإنَّما ثَبَتَ عمَّن دونهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير