و منها: أنه كثيرا ما يقع في أسانيد كتب الحديث و نحوها ذكر الاسم – مثلا- بدون ما يتميز به، كأن يقع (محمد بن الصباح الدولابي عن خالد، عن خالد عن محمد، عن أنس): و طريق الكشف أن تنظر ترجمة الدولابي: تجد شيوخه خالد بن عبد الله الو اسطي الطحان، ثم تنظر في ترجمة الطحان: تجد في شيوخه محمد بن سيرين، ثم تنظر ترجمة ابن سيرين فجد في شيوخه أنس بن مالك .. و إن شئت فابدأ من فوق: فانظر ترجمة أنس بن مالك: تجد في الرواة عنه محمد بن سيرين .. و هكذا.
ومما وقع لنا في هذا: أننا وجدنا في بعض الكتب التي تصحح و تطبع في الدائرة سندا فيه: ( .. يحيى بن روح الحراني، قال: سألت أبا عبد الرحمن بن بكار بن أبي ميمونة – حراني من الحفاظ – كان مخلد بن يزيد يسأله .. ) فذكر القصة.
و قد كان بعض أفاضل العصر صحح الكتاب، فكتب على قوله: (سألت أبا عبد الرحمن بن بكار بن أبي ميمونة): (كذا)!! كأنه خشي أن يكون الصواب: سألت أبا عبد الرحمن بكار بن أبي ميمونة – على ما هو الغالب من صنيعهم، أن يذكروا اسم الرجل بعد كنيته – فأردنا أن نحقق ذلك، فلم نجد فيما بين أيدينا من الكتب ترجمة لبكار بن أبي ميمونة! و لا ليحيى بن روح الحراني! ولا وجدنا في الكنى أبا عبد الرحمن بن بكار! فراجعنا بعض مظان القصة، فإذا فيها (أبا عبد الرحمن بكار بن أبي ميمونة)، لكن لم يقنعنا ذلك، ثم انتبهنا إلى ما في القصة أن مخلد بن يزيد كان يسأل هذا الرجل، فقلنا: عسى أن نجد له ذكر في ترجمة مخلد، فلما نظرنا فيها وجدنا في الرواة عن مخلد أحمد بن بكار فأسرعنا إلى ترجمته، فإذا هو ضالتنا، وهو أبو عبد الرحمن أحمد بن بكار ابن أبي ميمونة ...
و منها: دفع شبهة التكرار، فقد يتوهم في المثال المذكور أن (عن خالد) الثانية مزيدة تكرارا ..
و منها التنبيه على السقط،كأن يقع في المثال الماضي (عن خالد مرة واحدة.
و على الزيادة كأن يقع فيه: (عن خالد) ثلاث مرات ..
و على التصحيف و التحريف كأن يفع فيه (عن حاله) ..
وعلى التقديم و التأخير كأن يقع فيه (عن خالد الحذاء، عن خالد الطحان) و الصواب عكسه ..
ومنها: أن يعرف تاريخ ولادة صاحب الترجمة و تاريخ وفاته تقريبا إذا لم يعرف تحقيقا
مثاله بكير بن عامر البجلي، لم يعلم تاريخ ولادته ولا وفاته و لكن روى عن قيس بن أبي حازم، و روى عنه وكيع و أبو نعيم، و وفاة قيس سنة 98، و مولد وكيع سنة 128، و مولد أبي نعيم سنة 130، و هؤلاء كلهم كوفيون، و قد ذكر ابن الصلاح و غيره أن عادة أهل الكوفة أن لا يسمع أحدهم الحديث إلا بعد بلوغه عشرين سنة، فمقتضى هذا أن يكون عمر بكير يوم مات قيس فوق العشرين، فيكون مولد بكير سنة 78 أو قبلها، و يعلم أن سماع وكيع و أبي نعيم من بكير بعد أن بلغا عشرين سنة، فيكون بكير قد بقي حيا إلى سنة 150، فقد عاش فوق سبعين سنة. و هناك فوائد أخرى ...
و بذلك يعلم حسن صنيع المزي في (تهذيب الكمال) فانه يحاول أن يذكر في ترجمة الرجل جميع شيوخه و جميع الرواة عنه، و لنعم ما صنع، و إن خالفه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب) .. و من لم يهتد على الطريق السابق وقع في الخطأ ..
ثم يذكرون في الترجمة ما يتعلق بتعديل الرجل أو جرحه مفصلا .. و فائدة ذلك واضحة، و تفصيله يطول. و لكن اذكر أمرا واحدا، و هو: انهم قد يذكرون في ترجمة الرجل ما يعلم منه أنه ثقة في شئ دون آخر، كأن يكون مدلسا فيحتج بما صرح فيه بالسماع فقط، أو يكون اختلط بأخرة فيحتج بما حدث به قبل الاختلاط فقط، أو يكون سيئ الحفظ فيحتج بما حدث به من كتابه فقط أو نحو ذلك، فربما أخرج البخاري و مسلم أو أحدهما – لبعض هؤلاء من صحيح حديثه، فيقع الوهم لبعض العلماء أن ذلك الرجل ثقة مطلقا بحجة أنه أخرج له صاحب (الصحيح) ..
ثم يذكرون في آخر الترجمة تاريخ ولادة الراوي و تأريخ وفاته ..
¥