تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد بن خيري آل شاهين]ــــــــ[06 - 11 - 10, 01:31 ص]ـ

وجوب معرفة أحوال الرجال:

قد وقعت الرواية ممن يجب قبول خبره، و ممن يجب رده، و ممن يجب التوقف فيه، و هيهات أن يعرف ما هو من الحق الذي بلغه خاتم الأنبياء هن ربه عز و جل، و ما هو الباطل الذي يبرأ عنه الله و رسوله، إلا بمعرفة أحوال الرواة.

وهكذا الوقائع التاريخية، بل حاجتها إلى معرفة أحوال رواتها أشد، لغلبة التساهل في نقلها. على إن معرفة أحوال الرجال هي نفسها من أهم فروع التاريخ. و إذا كان لا بد من معرفة أحوال الرواة، فلا بد من بيانها، بأن يخبر كل من عرف حال راو بحاله ليعلمه الناس. و قد قامت الأمة بهذا الفرض كما ينبغي.

أول من تكلم بأحوال الرجال:

أول من تكلم في أحوال الرجال القرآن، ثم النبي صلى الله عليه و آله وسلم، ثم أصحابه. و الآيات كثيرة في الثناء على الصحابة إجمالا، و ذم المنافقين إجمالا، و وردت آيات في الثناء على أفراد معينين من الصحابة – كما يعلم ممن كتب الفضائل – و آيات في التنبيه على نفاق أفراد معينين، و على جرح أفراد آخرين. وأشهر ما جاء في هذا قوله تعالى:) ... إن جاءكم فاسق بنبأ فبينوا (} الحجرات 6 [نزلت في رجل بعينة، كما هو معروف في موضعه، وهي مع ذلك قاعدة عامة.

أحاديث الفضائل:

وثبتت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث كثيرة في الثناء على أصحابه حملة، و على أفراد منهم معينين، معروفة في كتب الفضائل، و أحبار أحر في ذم بعض الفرق إجمالا، كالخوارج، و في تعيين المنافقين و ذم أفراد معينين، كعيينة بن حصن، و الحكم بن أبي العاص. وثبتت آثار كثيرة عن الصحابة في الثناء على بعض التابعين، و آثار في جرح أفراد منهم.

التابعون والجرح و التعديل:

وأما التابعون، فكلامهم في التعديل كثير، ولا يروى عنهم من الجرح إلا القليل، و ذلك لقرب العهد بالسراج المنير – عليه و على آله افضل الصلاة و التسليم -، فلم يكن أحد من المسلمين يجترئ على الكذب على الله ورسوله. و عامة المضعفين من التابعين إنما ضعفوا للمذهب، كالخوارج أو لسوء الحفظ أو للجهالة.

ثم جاء عصر أتباع التابعين عما بعده، فكثر الضعفاء، و المغفلون، و الكذابون، و الزنادقة، فنهض الأئمة لتبيين أحوال الرواة و تزييف ما لا يثبت، فلم يكن مصر من أ أمصار المسلمين إلا و فيه جماعة من الأئمة يمتحنون الرواة، و يختبرون أحوالهم و أحوال رواياتهم، و يتتبعون حركاتهم و سكناتهم تهم، و يعلنون للناس حكمهم عليهم.

كتب الرجال:

استمر ذلك إلى القرن العاشر، فلا تجد فكتب الحديث اسم راو إلا وجدت في كتب الرجال تحقيق حاله، و هذا مصداق الوعد الإلهي – قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟؟ قال: تعيش لها الجهابذة، و تلا قول الله سبحانه و تعالى:} انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون {.

الرحلة لتحقيق العلم.

و كان نشاط الأئمة في ذلك آية في من الآيات؛ فمن أمثلة ذلك: قال العراقي في شرح) مقدمة ابن صلاح (روينا عن مؤمل أنه قال: حدثني شيخ بهذا الحديث – يعني حديث فضائل القرآن سورة سورة – فقلت للشيخ: من حدثك؟ فقال حدثني رجل بالمدائن وهو حي، فصرت إليه، فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بواسط، وهو حي؛ فصرت إليه، فقال: حدثني شيخ بالبصرة، فصرت إليه، فقال:حدثني شيخ بعبادان، فصرت إليه، فأخذ بيدي، فأدخلني بيتا، فإذا فيه قوم من المتصوفة / و معهم شيخ، فقال: هذا الشيخ حدثني، فقلت يا شيخ من حدثك؟ فقال لم يحدثني أحد، و لكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن، فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن. لعل هذا الرجل قطع نحو ثلاثة أشهر مسافرا لتحقيق رواية هذا الحديث الواحد.

طرق اختبار الرواة:

للأئمة في اختبار الرواة؛ منها: النظر في حال الراوي في المحافظة على الطاعات و اجتناب المعاصي، و سؤال أهل المعرفة به.

قال الحسن بن صالح بن يحيى: كنا إذا أردنا أن نكتب عن الرجل سألنا عنه، حتى يقال: أتريدون أن تزوجوه؟؟.

و منها أن يحدث أحاديث عن شيخ حي، فيسأل الشيخ عنها. مثاله: قول شعبة: قال الحسن بن عمارة: حدثني الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي سبعة أحاديث، فسألت الحكم عنها؟ فقال: ما سمعت منها شيئا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير