والحديث مستفيض عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِ، رواه عنه: إسحاق بن عيسى بن الطباع، وإسحاق بن محمد الفروى، وإسماعيل بن إسحاق القاضى، وخالد بن مخلد القطوانى، وزيد بن الحباب العكلى، وعبد الله بن مسلمة القعنبى، وعبد الرحمن بن مقاتل التسترى، وقتيبة بن سعيد، ومحمد بن عيسى بن الطباع، ومطرف بن عبد الله المدني، ومعن بن عيسى القزاز، ومنصور بن أبي مزاحم، ويحيى بن عبد الحميد الحمانى، وأبو سعيد مولى بني هاشم.
وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ، مولى لآل على بن أبى طالب، مدنى ثقة. قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: صالح. وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين والترمذي والنسائي: ثقة. وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: ثقة حدَّث عنه سفيان الثوري. وقال أبو زرعة: لا بأس به صدوق. وقال أبو حاتم: لا بأس به، وهو أحب الي من أبي معشر. وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: صدوق. وقال ابن عدى: مستقيم الحديث، والذي أنكر عليه حديث الاستخارة، وقد روى الحديث غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن أبي الموال.
وذكره ابن حبان في ((كتاب الثقات))، وخرَّج حديثه هذا فى ((صحيحه)).
وقال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن أبي الموال؟، قال: لا بأس به، كان محبوسا في المطبق حين هزم هؤلاء ـ يعنى بنى حسن ـ، يروي حديثاً لابن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستخارة ليس يرويه أحد غيره هو منكر، قلت: هو منكر، قال: نعم ليس يرويه غيره لا بأس به، وأهل المدينة إذا كان حديث غلط يقولون ابن المنكدر عن جابر، وأهل البصرة يقولون ثابت عن أنس، يحيلون عليهما.
قلت: ولعلَّ الإمام أحمد إنما أنكر الحديث، لأن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي الْمَوَالِ ليس عنده بمحل من يحتمل تفرده بمثل هذا الإسناد، فأثبات أصحاب ابن المنكدر: مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وعبيد الله بن عمر، وعبد العزيز بن أبى سلمة الماجشون من المدنيين، وشعبة، وسفيان الثورى من الكوفيين. وليس يعدل عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ واحداً من هؤلاء الأثبات، وإن لم يتخلف عن العدالة والصدق.
فإن قيل: لعله أنكره لمخالفته سائر أحاديث الاستخارة التى رواها أبو سعيد الخدرى، وأبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، فى تفرده بذكر الركعتين من غير الفريضة.
قلنا: بل ما ذكرناه هو الأقوم بتعليل ذلك الإنكار، لأمرين:
[الأول] أن ذكر الصلاة قد ورد كذلك فى حديث أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ((اكْتُمِ الْخِطْبَةَ، ثُمَّ تَوَضَّأْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ، وَصَلِّ مَا كَتَبَ اللهُ لَكَ، ثُمَّ احْمَدْ رَبَّكَ وَمَجِّدْهُ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ ..... )) الحديث بنحوه. وقد أخرجه الإمام أحمد فى ((المسند)) (5/ 423).
[الثانى] ألم تره قال ((ليس يرويه غيره، وأهل المدينة إذا كان حديث غلط يقولون: ابن المنكدر عن جابر))، فهذا بيِّن الدلالة على التعليل بالإسناد، فكأنه يقول: هو منكر بهذا الإسناد، وإن كان محتملاً بغيره.
ولا يذهبنَّ عنك أن الإمام أحمد ربما أنكر أحاديث جماعة من الثقات، لروايتهم أفراد وغرائب لم يتابعوا عليها، أمثال: محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى، وبريد بن عبد الله بن أبى بردة، وعمرو بن الحارث بن يعقوب المصرى، والمغيرة بن زياد البجلى، ونحوهم ممن وثقوا، وتلقى الأئمة أفراد أحاديثهم وغرائبهم بالقبول، وخرَّجها أصحاب الصحاح، ومنهم الشيخان فى ((الصحيحين)).
فقد قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: طلحة بن يحيى التيمى أحب إلي من بريد بن أبي بردة بريد يروي أحاديث مناكير.
وقال أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبد الله يقول: ما في هؤلاء المصريين أثبت من الليث بن سعد لا عمرو بن الحارث ولا أحد، وقد كان عمرو بن الحارث عندي ثبتاً ثم رأيت له أشياء مناكير.
¥