تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جزى الله الأخوة على ما قدموه وجزى الأخ الفقيه خيراً على ما ذكر ونقل، ولأني لم أر هذا الموضوع إلا مؤخراً فأقول قد فاتني خير كثير، لأني من المهتمين بهذذا الموضوع، لأن مدينة الخليل مسقط رأسي، ورسالة ابن حجر اقنيتها قبل عدة سنوات وحققتها لكنني لم أطبعها حال الانتهاء منها. ولعل مما أثار استغرابي ادعاء المستشرق موراني أن الإقطاع متواتر، ودون الصحة فضضلاً عن التواتر خرط القتاد، وقد ادعى هذه الدعوى نادر التميمي في كتابه ((تميم بن أوس الداري وعلاقته بالأرض المقدسة))، أما التكفير فإن الغزالي كفر من كفر لأنه نفى عن النبي صلى الله عليه وسلم التصرف، لامجرد الإعطاء، وهذا بهعض ما كتبته عن حال أحاديث الإعطاء.

أولاً: أحاديث إقطاع تميم في ميزان أهل الحديث

لم أُرد من هذا العنوان، أو مما ستحتويه الدراسة، التشكيك في إقطاع تميم، أو الإنطاء _ كما يحلو للبعض أن يُطلق _، أو نفيه وعدم الاعتراف به، ولكن أردت أن أُبيِّن درجة هذه الأحاديث التي ورد فيها ذكر الإعطاء، ووضع الأمور في نصابها، وقبول ما يمكن أن يُمشَّى من هذه الروايات،ورفض ودفع ما يتعارض منها، أو يصطدم اصطداماً محقَّقاً بمقاييس أهل الصَّنعة، لنعرف فيما بعد ما يمكن أن نقبله من أحكام بناء على هذه الأحاديث، وما يجب رفضه ومواجهته من هذه الأحكام، مرتضياً في البداية تلك العبارة التي أطلقها ابن حجر غير جازمٍ، ولا نافٍ حيث قال: جاءت قصة هذه العطية من طرقٍ متعددة يفيد مجموعها أنَّ للقصة أصلاً.

فأقول وبالله التوفيق:

جاءت غالب أحاديث الإقطاع من طريق تميم الدَّاري صاحب القصة، وبعضها من طريق أخيه أو ابن عمه أبي هندٍ الدَّاري، بالإضافة إلى بعض المراسيل والأحاديث المقطوعة كما سأبين.

أما أحاديث تميم فقد جاءت من طُرق؛ ابن سيرين، وسِماعة، وراشد بن سعد، وعكرمة مولى ابن عباس.

وحديث ابن سيرين عن تميم هو أرجاها وأمثلها على ضعفٍ فيه، وقد أخرجه الطَّبراني في معجمه الكبير: 2/ 58 رقم (1279)، ورواه ابن حجر في هذا الجزء من طريق الطبراني، وأخرجه كذلك ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)): 11/ 68 من طريق الطبراني أيضا، وحديث الطبراني قال عنه الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) 6/ 8: ورجاله ثقات، وهذه آفة من يحكم على الحديث من خلال إسناده فحسب، إذ إنَّ ابن حجر ذكر أنَّ هناك انقطاعاً بين ابن سيرين وتميم راوي الحديث، واستدل على ذلك باستدلال متين وموفق، ستراه في موضعه من هذا الجزء.

ومع ذلك فلا يُسلَّم قوله: ورجاله ثقات، إذ إنَّ فيه الأشعث بن سوّار،وهو رجلٌ ضعيفٌ، ضعَّفه ابن معين كما في ((التاريخ)) له: 4/ 81 رقم (3230)، والنَّسائي في ((الضعفاء)): رقم (58)، والدَّارقطني في ((الضعفاء والمتروكون)): رقم (115)، وضعفه ابن حجر كذلك في ((تقريب التهذيب)): 113 طبعة عوامة، بل إنَّ الهيثمي نفسه قد ضعفَّه في أكثر من موضع في كتابه، فقال عقب ذكره لحديث: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أشعث بن سوار، وهو ضعيف (مجمع الزوائد: 1/ 234)، وقال في 2/ 63: وفيه أشعث بن سوار، ضعفَّه جماعة ن وقال في 2/ 240: ضعفَّه أحمد وجماعة.

وبهذا يتبيَّن أنَّ في هذا الحديث الذي يُعدُّ من أقوى أحاديث المسألة ضعفاً من خلال رواته، وذلك بضعف أشعث بن سوَّارٍ، والانقطاع بين ابن سيرين وتميم، ووجود واحدة من هذه العلل كفيل بأن ينزل الحديث من درجة الصحة، وبالتالي الاحتجاج به، فكيف بوجودهما معاً؟!

أما طريق سِماعة فقد رواها أبو عُبيد القاسم بن سلام في كتاب ((الأموال)): 288 رقم (638)،وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)): 11/ 67، وسماعة هذا شبه مجهول إذ ذكره ابن حِبان في ((الثقات)): 6/ 436، وقال: شيخ، يروي عن عمر بن مرَّة، روى عنه الثوري،وذكره البخاري في ((التاريخ الكبير)): 4/ 214، وقال: سمع منه عمرو بن مرَّة، روى عنه الثوري، منقطع، وكذا ذكر ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل: 4/ 324) وقال: سمعت أبي يقول ذلك، سألت أبي عنه فقال: شيخ كوفي أرى حديثه مستقيماً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير