, فإنما أنا بشر , يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب , و أنا تارك فيكم ثقلين ,
أولهما كتاب الله , فيه الهدى و النور (من استمسك به و أخذ به كان على الهدى ,
و من أخطأه ضل) , فخذوا بكتاب الله , و استمسكوا به - فحث على كتاب الله و رغب
فيه , ثم قال: - و أهل بيتي , أذكركم الله في أهل بيتي , أذكركم الله في أهل
بيتي , أذكركم الله في أهل بيتي ". أخرجه مسلم (7/ 122 - 123) و الطحاوي في
" مشكل الآثار " (4/ 368) و أحمد (4/ 366 - 367) و ابن أبي عاصم في "
السنة " (1550 و 1551) و الطبراني (5026) من طريق يزيد بن حيان التميمي عنه
. ثم أخرج أحمد (4/ 371) و الطبراني (5040) و الطحاوي من طريق علي بن
ربيعة قال: " لقيت زيد بن أرقم و هو داخل على المختار أو خارج من عنده , فقلت
له: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني تارك فيكم الثقلين (كتاب
الله و عترتي) ? قال: نعم ". و إسناده صحيح , رجاله رجال الصحيح. و له طرق
أخرى عند الطبراني (4969 - 4971 و 4980 - 4982 و 5040) و بعضها عند الحاكم (
3/ 109 و 148 و 533). و صحح هو و الذهبي بعضها. و شاهد آخر من حديث عطية
العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: " (إنى أوشك أن أدعى فأجيب , و) إني تركت
فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي , الثقلين , أحدهما أكبر من الآخر , كتاب
الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض , و عترتي أهل بيتي , ألا و إنهما لن
يتفرقا حتى يردا علي الحوض ". أخرجه أحمد (3/ 14 و 17 و 26 و 59) و ابن أبي
عاصم (1553 و 1555) و الطبراني (2678 - 2679) و الديلمي (2/ 1 / 45).
و هو إسناد حسن في الشواهد. و له شواهد أخرى من حديث أبي هريرة عند الدارقطني
(ص 529) و الحاكم (1/ 93) و الخطيب في " الفقيه و المتفقه " (56/ 1).
و ابن عباس عند الحاكم و صححه , و وافقه الذهبي. و عمرو بن عوف عند ابن عبد
البر في " جامع بيان العلم " (2/ 24 , 110) , و هي و إن كانت مفرداتها لا
تخلو من ضعف , فبعضها يقوي بعضا , و خيرها حديث ابن عباس. ثم وجدت له شاهدا
قويا من حديث علي مرفوعا به. أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار (2/ 307) من
طريق أبي عامر العقدي: حدثنا يزيد بن كثير عن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن
علي مرفوعا بلفظ: " ... كتاب الله بأيديكم , و أهل بيتي ". و رجاله ثقات غير
يزيد بن كثير فلم أعرفه , و غالب الظن أنه محرف على الطابع أو الناسخ. و الله
أعلم. ثم خطر في البال أنه لعله انقلب على أحدهم , و أن الصواب كثير بن زيد ,
ثم تأكدت من ذلك بعد أن رجعت إلى كتب الرجال , فوجدتهم ذكروه في شيوخ عامر
العقدي , و في الرواة عن محمد بن عمر بن علي , فالحمد لله على توفيقه. ثم
ازددت تأكدا حين رأيته على الصواب عند ابن أبي عاصم (1558). و شاهد آخر
يرويه شريك عن الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت مرفوعا به.
أخرجه أحمد (5/ 181 - 189) و ابن أبي عاصم (1548 - 1549) و الطبراني في "
الكبير " (4921 - 4923). و هذا إسناد حسن في الشواهد و المتابعات , و قال
الهيثمي في " المجمع " (1/ 170): " رواه الطبراني في " الكبير " و رجاله
ثقات "! و قال في موضع آخر (9/ 163): " رواه أحمد , و إسناده جيد "! بعد
تخريج هذا الحديث بزمن بعيد , كتب علي أن أهاجر من دمشق إلى عمان , ثم أن أسافر
منها إلى الإمارات العربية , أوائل سنة (1402) هجرية , فلقيت في (قطر) بعض
الأساتذة و الدكاترة الطيبين , فأهدى إلي أحدهم رسالة له مطبوعة في تضعيف هذا
الحديث , فلما قرأتها تبين لي أنه حديث عهد بهذه الصناعة , و ذلك من ناحيتين
ذكرتهما له: الأولى: أنه اقتصر في تخريجه على بعض المصادر المطبوعة المتداولة
, و لذلك قصر تقصيرا فاحشا في تحقيق الكلام عليه , و فاته كثير من الطرق
و الأسانيد التي هي بذاتها صحيحة أو حسنة فضلا عن الشواهد و المتابعات , كما
يبدو لكل ناظر يقابل تخريجه بما خرجته هنا ..
الثانية: أنه لم يلتفت إلى أقوال المصححين للحديث من العلماء و لا إلى قاعدتهم
التي ذكروها في " مصطلح الحديث ": أن الحديث الضعيف يتقوى بكثرة الطرق , فوقع
في هذا الخطأ الفادح من تضعيف الحديث الصحيح. و كان قد نمى إلى قبل الالتقاء
¥