تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد سلك مسلك هؤلاء الزائغين جمال الدين الإيراني المتأفغن، ومحمد عبده المصري، ومحمد رشيد رضا، ومحمد مصطفى المراغي، ومحمد فريد وجدي، ومحمود شلتوت، وعبدالعزيز جاويش، وعبدالقادر المغربي، وأحمد مصطفى المراغي، وأبوريّة صاحب الظلمات، وأحمد أمين صاحب "فجر الإسلام" و"ضحاه" و"ظهره"، وإني أقتصر على بيان حال محمد رشيد رضا لأن بعض الناس اغتروا بسلفيّته.

1 - من التفسير المسمى بـ"المنار" وهو بالظلام أشبه (ج1 ص351) قال: وأما قوله: ? {فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى?5} فهو بيان لإخراج ما?يكتمون.?ويروون في هذا الضرب روايات كثيرة، قيل إن المراد: اضربوا المقتول بلسانها، وقيل: بفخذها، وقيل: بذنبها ... وقالوا: إنّهم ضربوه فعادت إليه الحياة، وقال: قتلني أخي أو ابن أخي فلان، الخ ما قالوه، والآية ليست نصًا في مجمله فكيف بتفصيله. والظاهر مما قدمنا أن ذلك العمل كان وسيلةً عندهم للفصل في الدماء عند التنازع في القاتل إذا وجد القتيل قرب بلد ولم يعرف قاتله، ليعرف الجاني من غيره، فمن غسل يده وفعل ما رسم لذلك في الشريعة برئ من الدم، ومن لم يفعل ثبتت عليه الجناية. ومعنى إحياء الموتى على هذا حفظ الدماء التي كانت عرضةً لأن تسفك بسبب الخلاف في قتل تلك النفس، أي: يحييها بمثل هذه الأحكام. اهـ

وقد سبق أن استدل محمد رشيد رضا وشيخه بكلام نقله من التوراة وهذا مخالف لما رواه البخاري في "صحيحه" من حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم وقولوا آمنّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم)). بل مخالف لما أخبرنا الله عن أهل الكتاب أنّهم قد حرّفوا التوراة، وأتوا بكلام من عندهم يزعمون أنه كلام الله.

وأما حديث عبدالله بن عمرو بن العاص: ((وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)). فالمراد به ما أخبرنا الله أو رسوله، وإلا فمن أين لنا السند إلى موسى عليه السلام، والمحدثون رحمهم الله يضعّفون المرسل، فكيف بماليس له سند والله أعلم.

وما ذكره المفسرون أن الله أحيا المقتول، فهذا ظاهر القرآن، وما صرفه محمد رشيد وشيخه إلا لموافقة أهل الكتاب، ولأن المستشرقين لا تتسع عقولهم لمعجزات النبوة، فأرادوا أن يتقرّبوا إليهم بهذا التأويل المستبعد.

2 - ? {ألم تر إلى الّذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم إنّ الله لذو فضل على النّاس ولكنّ أكثر النّاس لا يشكرون6?}.

قال محمد رشيد رضا (ج2 ص457): أقول: ولا يشترط أن تكون القصة في مثل هذا التعبير واقعةً، بل يصح مثله في القصص التمثيلية، إذ يراد أن من شأن مثلها في وضوحه أن يكون معلومًا حتى كأنه مرئي بالعينين. ومنه ما نبّهنا عليه من الفرق بين العطف بالفاء وبثم، وقد قالوا: إن العطف في قوله تعالى: {وقاتلوا} للإستئناف، لأن الجملة المبدوءة بالواو هنا جديدة لا تشارك ما قبلها في إعرابه ولا في حكمه الذي يعطيه العطف، قال الأستاذ الإمام: وهذا لا يمنع أن يكون بين الجملة المبدوءة بواو الاستئناف وبين ما قبلها تناسب وارتباط في المعنى غير ارتباط العطف والمشاركة في الإعراب، كما هو الشأن هنا، فإن الآية الأولى مبيّنة لفائدة القتال في الدفاع عن الحق أو الحقيقة، والثانية آمرة به بعد تقرير حكمته وبيان وجه الحاجة إليه، فالارتباط بينهما شديد الأواخي لا يعتريه التراخي.

خرجوا فارين ? {فقال لهم الله موتوا} أي: أماتهم بإمكان العدو منهم، فالأمر أمر التكوين لا أمر التشريع، أي: قضت سنته في خلقه بأن يموتوا بما أتوه من سبب الموت، وهو تمكين العدوّ المحارب من أقفائهم بالفرار، ففتك بهم وقتل أكثرهم. ولم يصرح بأنّهم ماتوا لأن أمر التكوين عبارة عن مشيئته سبحانه، فلا يمكن تخلفه، وللإستغناء عن التصريح بقوله بعد ذلك: ? {ثمّ أحْياهم} وإنما يكون الإحياء بعد الموت والكلام في القوم لا في أفراد لهم خصوصيّة، لأن المراد بيان سنته تعالى في الأمم التي تجبن فلا تدافع العادين عليها، ومعنى حياة الأمم وموتها في عرف الناس جميعهم معروف. فمعنى موت أولئك القوم هو أن العدو نكل بهم فأفنى قوّتهم وأزال استقلال أمتهم حتى صارت لا تعدّ أمةً بأن تفرّق شملها وذهبت جامعتها، فكان من بقي من أفرادها خاضعين للغالبين ضائعين فيهم، مدغمين في غمارهم، لا وجود لهم في أنفسهم وإنما وجودهم تابع لوجود

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير