وقال الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال": هشام بن عروة أحد الأعلام، حجة إمام، لكن في الكبر تناقص حفظه ولم يختلط أبدًا ولا عبرة بما قاله أبوالحسن بن القطان من أنه وسهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيرا، نعم الرجل تغيّر قليلاً ولم يبق حفظه كهو في حال الشبيبة فنسي بعض محفوظه أو وهم فكان ماذا أهو معصوم من النسيان.
ولما قدم العراق في آخر عمره حدث بجملة كثيرة من العلم في يغضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات، فدع عنك الخبط وذر خلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمخلطين فهشام شيخ الإسلام، ولكن أحسن الله عزاءنا فيك يا ابن القطان، وكذا قول عبدالرحمن بن خراش: كان مالك لا يرضاه نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم الكوفة ثلاث مرات، قدمة كان يقول: حدثني أبي قال سمعت عائشة. والثانية: فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة وقدم الثالثة فكان يقول أبي عن عائشة يعني يرسل عن أبيه.
وروى محمد بن علي الباهلي عن شيخ من قريش: أهوى هشام بن عروة إلى يد المنصور يقبّلها فمنعه وقال -يا ابن عروة إنا نكرمك عنها ونكرمها عن غيرك. قيل بلغ سبعًا وثمانين سنة. اهـ.
وذكر الحافظ في "الفتح)) أنه جاء عن عمرة عن عائشة فإن ثبت حديث عمرة عن عائشة فيزداد الحديث قوة وإلا فالحديث صحيح والحمد لله. ثم وجدته فى "دلائل النبوة" للبيهقي (ج7 ص92) وفي سنده سلمة بن حبان البصرى ترجمه ابن ماكولا وقال: روى عنه عبدالله بن أحمد بن حنبل ويوسف بن يعقوب القاضي. اهـ
وترجمه ابن أبي حاتم وقال: روى عنه علي بن الحسين بن الجنيد. ولم يذكر أنه وثقه معتبر فعلى هذا فهو مستور الحال يصلح حديثه في الشواهد والمتابعات.
شاهد لحديث السحر
قال الإمام أحمد رحمه الله (ج4 ص367): ثنا أبومعاوية ثنا الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: سحر النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل من اليهود، قال: فاشتكى لذلك أيّامًا، قال: فجاءه جبريل عليه السّلام فقال: إنّ رجلاً من اليهود سحرك، عقد لك عقدًا عقدًا في بئر كذا وكذا، فأرسل إليها من يجيء بها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليًّا رضي الله عنه، فاستخرجها فجاء بها فحلّلها، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كأنّما نشط من عقال، فما ذكر لذلك اليهوديّ ولا رآه في وجهه قطّ حتّى مات.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه النسائي (ج7 ص 112) فقال: أخبرنا هنّاد بن السري عن أبي معاوية به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (ج8 ص1،29،30)، والطبراني (ج5 ص202).
وأخرجه ابن سعد (مجلد2 ق2 ص6) فقال: أخبرنا موسى بن مسعود حدثنا سفيان الثورى عن الأعمش عن ثمامة المحلمي عن زيد بن أرقم قال: عقد رجل من الأنصار (يعني للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم) عقداً، وكان يأمنه ورمى به في بئر كذا وكذا، فجاء الملكان يعودانه، فقال أحدهما لصاحبه: أتدري ما به؟ عقد له فلان الأنصاري، ورمى به في بئر كذا وكذا، ولو أخرجه لعوفي فبعثوا إلى البئر فوجدوا الماء قد اخْضرّ فأخرجوه فرموا به، فعوفي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فما حدث به ولا رؤي في وجهه.
هذا حديث صحيح، وقد اختلف على الأعمش فيه، فرواه أبومعاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان، كما عند الإمام أحمد، وأبومعاوية من أثبت الناس في الأعمش، وخالفه الثوري كما تقدم عند ابن سعد فرواه عن الأعمش عن ثمامة المحلمي عن زيد بن أرقم، وتابع الثوري شيبان بن عبدالرحمن عند يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (ج3 ص289) وعند الطبراني (ج5 ص201) وتابعهما جرير وهو ابن عبدالحميد عند الطبراني في "الكبير"، فالظاهر أن أبا معاوية شذّ في هذا، لأنّ سفيان وشيبان وجرير أرجح منه والله أعلم.
وثمامة هو ابن عقبة المحلمي الكوفي وثّقة ابن معين والنسائي، كما في "تهذيب التهذيب"، ويزيد بن حيان وثّقه النسائي كما في "تهذيب التهذيب"، فالحديث صحيح سواء أقلنا: إنّ أبا معاوية شذّ فيه أم إن للأعمش شيخين، والله أعلم.
وقد قال الهيثمي في "المجمع" (ج6 ص281): قلت: رواه النسائي باختصار، ورواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح. اهـ
¥