تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد جاء في بعض طرقه كما ترى أنّ الذي سحر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل من الأنصار، فتعقّب الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى هذا في "البداية والنهاية" (ج6 ص39) فقال: قلت: والمشهور أنّ لبيد بن الأعصم اليهودي هو الذى سحر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. اهـ المراد منه.

شرح الحديث

قال الحافظ رحمه الله في "الفتح" (ج10 ص227):

قوله: (حتى إذا كانت ذات يوم أو ذات ليلة) شك من الراوي، وأظنه من البخاري لأنه أخرجه في صفة إبليس من بدء الخلق، فقال: حتى كان ذات يوم. ولم يشك ثم ظهر لي أن الشك فيه من عيسى بن يونس، وأن إسحاق بن راهويه أخرجه في "مسنده" على الشك، ومن طريقه أخرجه أبونعيم فيحمل الجزم الماضي على أن إبراهيم بن موسى شيخ البخاري حدثه به تارةً بالجزم وتارةً بالشك ويؤيده ما سأذكره من الاختلاف عنه، وهذا من نوادر ما وقع في البخاري أن يخرج الحديث تامًا بإسناد واحد بلفظين، ووقع فى رواية أبي أسامة الآتية قريبًا: (ذات يوم) بغير شك، و (ذات) بالنصب ويجوز الرفع، ثم قيل: إنّها مقحمة، وقيل: بل هي من إضافة الشيء لنفسه على رأي من يجيزه.

قوله: (وهو عندي لكنه دعا ودعا) كذا وقع، وفي الرواية الماضية فى بدء الخلق (حتى كان ذات يوم دعا ودعا)، وكذا علقه المصنف لعيسى بن يونس في الدعوات، ومثله في رواية الليث، قال الكرماني: يحتمل أن يكون هذا الاستدراك من قولها (عندي) أي: لم يكن مشتغلاً بي بل اشتغل بالدعاء، ويحتمل أن يكون من التخيل أي: كان السحر أضره في بدنه لا في عقله وفهمه بحيث أنه توجّه إلى الله ودعا على الوضع الصحيح، والقانون المستقيم، ووقع في رواية ابن نمير عند مسلم: (فدعا ثم دعا ثم دعا)، وهذا هو المعهود منه أنه كان يكرر الدعاء ثلاثًا، وفي رواية وهيب عند أحمد وابن سعد: (فرأيته يدعو)، قال النووي: فيه استحباب الدعاء عند حصول الأمور المكروهات وتكريره، والالتجاء إلى الله تعالى في دفع ذلك. قلت: سلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذه القصة مسلكي التفويض وتعاطي الأسباب، ففى أول الأمر فوض وسلّم لأمر ربه فاحتسب الأجر في صبره على بلائه، ثم لما تمادى ذلك وخشي من تماديه أن يضعفه عن فنون عبادته جنح إلى التداوي ثم إلى الدعاء، وكل من المقامين غاية فى الكمال.

قوله: (أشعرت) أي: علمت، وهي رواية ابن عيينة كما في الباب الذي بعده.

قوله: (أفتاني فيما استفتيته) في رواية الحميدي (أفتاني في أمر استفتيه فيه)، أي أجابني فيما دعوته، فأطلق على الدعاء استفتاءً، لأن الداعي طالب والمجيب مفت، أو المعنى: أجابني بما سألته عنه، لأن دعاءه كان أن يطلعه الله على حقيقة ما هو فيه، لما اشتبه عليه من الأمر، ووقع في رواية عمرة عن عائشة (أن الله أنبأني بمرضي) أي أخبرني.

قوله: (أتاني رجلان) وقع في رواية أبي أسامة: (قلت: وما ذاك؟ قال: أتاني رجلان) ووقع في رواية معمر عند أحمد ومرجأ بن رجاء عند الطبراني كلاهما عن هشام: (أتاني ملكان)، وسماهما ابن سعد في رواية منقطعة جبريل وميكائيل، وكنت ذكرت فى المقدمة ذلك احتمالاً.

قوله: (فقعد أحدهما عند رأسي والاخر عند رجلي) لم يقع لي أيهما قعد عند رأسه لكنني أظنه جبريل لخصوصيّته به عليهما السلام، ثم وجدت في "السيرة" للدمياطي الجزم بأنه جبريل، قال: لأنه أفضل. ثم وجدت في حديث زيد بن أرقم عند النسائي وابن سعد وصححه الحاكم وعبد بن حميد (سحر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل من اليهود، فاشتكى لذلك أيامًا، فأتاه جبريل فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك عقد لك عقدًا كذا في بئر كذا) فدل مجموع الطرق على أن المسئول هو جبريل والسائل ميكائيل.

قوله: (فقال أحدهما لصاحبه) وفي رواية ابن عيينة الآتية بعد باب (فقال الذي عند رأسه للآخر)، وفي رواية الحميدي (فقال الذي عند رجلي للذي عند رأسي)، وكأنّها أصوب، وكذا هو في حديث ابن عباس63 عند البيهقي، ووقع الشك في رواية ابن نمير عند مسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير